وقواعده وقيوده، وأن هناك نثرا له مقاييسه الخاصة به، وله صفاته التي تميزه عن الشعر. . فما هذا الخلط؟ وما هذه الفوضى الأدبية؟
لقد غفرنا لأولئك الأدباء الذين ينقلون إلى العربية روائع الأدب العالمي تحررهم من تلك القيود التي يخضع لها الشعر العربي، بغية المحافظة على روحية الشاعر ووحدة فكرته التي يهدف إلى عرضها للقارئ بأسلوب فني ووفق نظام بديع. ولكن ما الذي يدعونا إلى التماس المغفرة لهؤلاء الأدباء أو (المتأدبين) الذين جاءوا بهذه (البدعة) الأدبية الجديدة، التي إن دلت على شيء فإنما تدل على عجز عن الإبداع الفني، وقصور عن إدراك ذروة الجمال في التعبير الشعري الذي يجب أن يخضع للأسلوب الفني المنظم!
أرجو من الأستاذ الناقد إفادتي برأيه في هذا الموضوع مع بيان تأثير هذه البدعة على الشعر العربي الحديث.
(بغداد)
منير آل ياسين
أنا مع الأديب العراقي الفاضل في هذه الآراء التي يبديها حول الشعر المرسل أو الشعر المنثور، ذلك لأني لست من أنصار (الشعوذة) الفكرية و (البدع) الأدبية التي يسميها الفاشلون فنا والفن منها براء. . ولو رجع الأديب العراقي إلى كتاب (نماذج فنية) لوجدني أؤيده كل التأييد فيما ذهب إليه، حين ينعت التحرر من بعض القيود في الفن بأنه (الفوضى) الناتجة عن عوامل العجز والقصور! هذا حق لا شك فيه، وأية متعة فنية أو أدبية يجنيها الإنسان كما يقول، من قراءة كلمات متناثرة هنا وهناك، تفصل بينهما النقاط الكثيرة وعلامات التعجب والاستفهام، دون أن يربط بينها رابط من اللفظ والمعنى؟
إنه سؤال يوجهه إلى الأديب العراقي، وأعود إلى بعض ما قلته بالأمس حول مشكلة القيود في الفن لأقدم إليه هذا الجواب: (إن تحرير الفن من كل قيد معناه الحرية المطلقة وإن الحرية المطلقة ليست هي الجمال الذي نتطلع إليه. . إننا حين نفرض القيود على الفن فإنما نفرضها بغية أن نبث فيه روح النظام وما هو الجمال في الفن إذا لم يكن هو الجمال على التحقيق؟ وحين نرفض الحرية المطلقة فإنما نرفضها خشية أن نبث فيه روح