بتأثير الحرب الكبرى الماضية وما زالت تفتقر إلى الأرض الصلبة التي تقف عليها. وقد تزول (الوجودية) إذا زالت أسباب قيامها، باعتبار أن الحياة ليست كلها شقاء وجحيما وألما، وأن الوجود يتجدد ويقيم شرعة التوازن بين طرفيه: السعادة والشقاء، والفرح والحزن. وقد تزول هذه (الوجودية) كما زالت قبلها (الدادية) و (السريالية) وكلها من أساليب حياة الفكر. .
قد يزول كل هذا، ويبقى النضال قائما بين مذهبي (الأدب للأدب) و (الأدب الملتزم) لأنه نضال يعالج الأدب في جوهره من حيث بواعثه واستلهاماته، وليس يعالج الأدب من ناحية التيارات الفلسفية التي تنجم نجوم الأزياء وتسوده حقبة من الزمن ثم تمضى.
ويتضح مما أجملت ذكره عن الوجودية، أن الأستاذ صلاح قد التبس عليه إذ جعل (الوجودية) من دعائم (الأدب الملتزم) إذ لو صح هذا لقضى على الأدب إلا يكتب ألا في الناحية القاتمة من الحياة، ولا يسجل إلا يسجل إلا التشاؤم وفقدان الأمل، وألا يوحي إلا بما يشعر الكائن الإنساني بزيادة تبعاته أمام نفسه، ويتعدد التزاماته أمام الجميع.
وقد يكون هذا عند (بول سارتر) صاحب هذا المذهب ومن نهج نهجه بعد أن أقر في أذهانهم، بتأثير الظروف التي تحيط بهم، وبسحر المنظار الذي يركب عيونهم، أن الحياة إنما هي سلسلة من التبعات الثقال، وأن الكائن الإنساني، وهو العنصر الأولى في الوجود، لابد أن يناضل عن كيانه وأن ينازل هذه التبعات في حرب سافرة. ولا بأس أن ينكر المستقبل، ولا بأس أن يأخذ بمذهب (القدرية) إلى أبعد حدوده، باعتبار أن الإنسان مسئول عما يفعله وليس (للجبر) دخل في سلوكه.
هذه وجهة نظره، ولكنها ليست وجهة نظر (الأدب الملتزم) في كل ما يعالجه من شؤون الحياة
أما القسم الآخر من تعقيب الأستاذ صلاح فينصب ظاهره على المسرح المصري عامة، ويهدف باطنه إلى النيل من (فرقة المسرح الوطني الحديث) وكأن هذه الفرقة الحديثة العهد بالحياة مسئولة عن المسرح المصري في حياته السابقة وفي انحراف رسالة الفرق المختلفة العاملة عما يجب أن تكون عليه في معالجة ما يشغل أذهان الناس!!
وهذا القسم كسابقه يبتسم بالجور والإقساط كما يعوزه التقصي والاستقراء، لأن المسرح