بحثا هاما عن الفقه الروماني وعلاقته بالفقه الإسلامي لكاتب مصري، ثم أعجبنا أن نجد الردود تتدفق على الرسالة من سنغافورة ودمشق وحضرموت والعراق دائرة حول هذا الموضوع، فكأن الرسالة قد أهابت بكل باحث في شتى الأمم الإسلامية، أن يلقي دلوه في الدلاء، فتقدم هؤلاء الأفاضل مسرعين. فإذا ما رأينا اليوم أبناء الأمم الإسلامية متكاتفين متساندين، فيجب أن نذكر الرسالة الحبيبة وكفاحها المجيد!
ثم دارت الأيام ومضت بنا الدراسة الثانوية إلى الدراسة العالية بكلية اللغة العربية، وسمعنا أساتذتنا يلقون علينا الدروس العلمية في تاريخ الأدب والنقد وفقه اللغة والنحو والعروض، فكنا نجد من يسمو بعقولنا - في محاضراته وأبحاثه - إلى أفق رفيع، ومن يعكف على مراجعه القديمة ليقدم خلاصتها دون أن يلم بما تمخضت عنه الأبحاث الأدبية في العصر الحديث. وكنا لا نفتأ نواجه هذا النوع من الأساتذة بما اكتسبناه من الرسالة وغيرها من نقد وتحليل، غير عابثين بعد ذلك بما يكون من تبرم وضيق. ولعلك تذكر بالخير شيخ أساتذة الأدب بالكلية، وسيد علمائها الأستاذ الكبير أحمد شفيع السيد فقد كان يذكر لنا الرسالة دائما بين مصادره العديدة في تاريخ الأدب العربي، وقد ينقل بعض أبحاثها الأدبية عن الشعراء الأقدمين معقبا بما يعن له من نقد أو توجيه. وكنا نسمع محاضراته في شوق وإعجاب يزيدان عن الوصف. وحين أدرك اهتمامنا بالرسالة، غمرنا بوده، وذلل لنا كثيرا من العقاب فصرنا لا ندري أنتقدم إليه بالشكر، أم إلى مجلة الرسالة التي تربط بين قلوب المتأدبين من أساتذة وطلاب برباط وثيق.
ولن أفادتنا الرسالة فائدة تامة في الدراسة العالية بالكلية، فقد كان هذا أمرا نتوقعه لما بين أبحاث المجلة ودروس الكلية من ارتباط، بل من يدري؟ ربما تكون الرسالة هي التي وجهتنا إلى كلية اللغة دون أن نشعر، لما غرسته في نفوسنا من حب للأدب وهيام بتاريخه ورسائله. ولكن الذي لم نكن نتوقعه بحال، أن نجد الرسالة الغراء تأخذ بأيدينا في معهد التربية العالي للمعلمين وتعيننا على استكناه مسائل التربية الحديثة، وتفهم علم النفس بما نشرته من أبحاث في هذين العلمين وأذكر جيدا أني جعلت الرسالة بين مصادري العلمية حين كتبت مقالاتي في امتحان الدبلوم فقد اعتمدت على ما كتبه الدكتور عبد العزيز عبد المجيد والدكتور فضل أبو بكر في الذكاء والطفولة بأعداد الرسالة، لأن الزيات الحصيف