فيتنافس سعد بن خيثمة أباه، ومعوذ بن الحارث أخاه عوف وهما غلامان على جانبي عبد الرحمن ابن عوف يوم بدر يتربصان للأبي جهل فرعون العرب. ويركض عمرو بن الجموح بعرجته وعبثا يحاول أولاده الأربعة أن يثنوه عن عزمه وقد عذره الله، ولكنه يتوق إلى الجنة ويسأل الله أن يرزقه الشهادة وألا يرده إلى أهله خائبا، ويستأذن أبو بكر قائده في أن يقتل ابنه عبد الرحمن، وعبد الله ابن رأس النفاق يسأل النبي أن يسمح له بقتل أبيه، وسعيد بن العاص يتجلد إذ يرى أباه صريع الشرك، وعمر بن الخطاب يصرع خاله العاص بن هشام، ومصعب بن عمير يأمر بالتشديد في فداء أخيه الأسير في يد المسلمين، وسعد بن أبي وقاص تراوده أمه عن إسلامه وتمتنع عن الطعام والشراب حتى يكفر، فلا يعبأ بها وهو لها الابن البار (وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما).
ومن أجل هذا الصف المتكامل غير المتفاضل. . يقف أصغر المجاهدين علي بن أبي طالب إلى جانب أكبرهم سنا أبي عبيدة بن ابن الحارث، ولا فارق بين حمزة القرشي وبلال الحبشي وصهريب الرومي وسلمان الفارسي، ولا بين المهاجري والأنصاري، كل وبلاؤه (إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة، والأنفال تقسم بما أمر الله بين الضعفاء والأقوياء على السواء، لكل منها نصيب حسب جهاده، فالمشاة والرماة والسقاة، والقادة والسادة، والركبان والعبدان جميعا في درجات مرتبة في الحياة والموت، فقد كان النبي يقدم في دفن الشهداء أعلمهم بدين الله وأقرأهم للقرآن.
ومن أجل هذا الصف الزاحف الجارف. . كانت المرأة تسقى الجرحى، وتضمدهم وتمونهم بالذخيرة، وتتري عن رسول الله، وتحمي الظهور، وتدفع بأفلاذ كبدها إلى الفردوس الأعلى، وتحتسبهم جميعا عند الله، ولا يهمها إلا أن تسأل عن سلامة رسول الله، وجيش حزب الله.
ويدعوا النبي إلى الجهاد بينما عمير بن الحمام بيده ثمرات يأكلها، فيخشى أن تعوقه عن الجنة، فيرميها ويقول: ويحكن، والله إن بقيت حتى آكل ثمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ويرتجز: