شريفالمقدسي - وهو قاضي قضاة الشافعية السابق - بجواز ذلك. ثم أفتى له جماعة من العلماء آخرون.
وبلغ أمر الفتوى مسامع السلطان، فاهتاج وركبة الغيظ والحنق، وثار مرجل غضبه، وجمع توا مجلساً علمياً حاشداً، فيه قضاة الشرع الأربعة والقضاة المنفصلون من القضاة، وعدد من جلة علماء العصر وبينهم القاضي الأجل الشيخ زكريا الأنصاري، والقاضي أبن أبي شريف.
عرض السلطان عليهم تفاصيل المسألة. وأنكر عليهم إنكاراً شديداً أن يضبط نائب من نوابهم في فراش زميله ثم يعترف ويقر بالجريمة، ويكتب اعترافه بخطه وبحكم عليه، ثم يقال بعد ذلك إن له حق الرجوع عن الاعتراف. . . فلا يحد. وقال: هذا أمر عجيب وحكم وسبه لا يرضاها رجل عادل.
فقال له برهان الدين أبن أبي شريف. (إن هذا حكم الله وشرعه. وإليك يا مولانا ما قاله السلف في هذا الموضوع. وطفق يطلعه على المراجع والنقول. فلم يلتفت إليه السلطان، وقال له: أنا ولي الأمر، ولي النظر العام في ذلك. . . وأكيف المسألة حسبما أراه مطابقاً للعدل، فقال أبن أبي شريف: نعم! ولكن بم يوافق الشرع الشريف. وإن قتلها تلزمك ديتان عنهما. فحنق السلطان وكاد يبطش به.
ثم التفت إلىالشيخ الأنصاري وهو رأس الشافعية في ذلك الوقت، فقال له: ما تقول في هذه المسألة؟ فقال الشيخ زكريا: له حق الرجوع بعد الاعتراف. وإذا رجع سقط عنه الحد. فقال له السلطان وهو مغيظ: أتتحمل جريرة هذه الفتوى؟ فرد عليه قائلاً: ومن أنا حتى أتحملها، فليتحملها الإمام الشافعي صاحب المذهب. فقال له السلطان: إنك رجل قد كبرت وشاخ عقلك، وأصبحت لا تصلح للفتوى.
ثم التفت السلطان إلىالشيخ نور الدين المحلي يسأله عن رأيه فرد عليه قائلاً: إن ما يقوله لك يا مولنا مشايخ الإسلام، هو نص ما قاله الأمام الشافعي وغيره من علماء الأمة.
فقال السلطان نرجو أن ترزأ بمثل هذه الحادثة في بيتك. . فوجم الشيخ وقال: عافانا الله من ذلك.
وأخذا السلطان يتفرس وجوه قضاته وعلمائه وأحداً واحداً، لعله يجد في وجه واحد منهم من