للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبحان من قسم الحظوظ بين الجماعات فأعطى كل جماعة حظا لا تعدوه، وفرق الخصائص على البقاع فخص كل بقمة بسر لا يعدوها، فما زلنا نستجلي من صنع الله لك وللإسلام لطيفة سماوية، وهي أنه كلما رثت جدة الإسلام، وخالطته المحدثات، سطع في أفق من آفاقه نجم يهدي السارين إلى سوائه، وارتفع صوت بالدعوة إلى أصول هدايته، ثم لا يلبث ذلك النجم أن يخبو، وذلك الصوت أن يخفت؛ إلا نجما سطع في أفقك، وصوتا ارتفع في إرجائك. وقد ارتفعت أصوات بالإصلاح الديني في أقطار الإسلام، وفي حقب معرفة من تاريخه، فضاعت بين ضجيج المبطلين، وعجيج الضالين، إلا صوت (محمد عبدة) فإنه اخترق الحدود وكسر السدود.

عهدك التاريخ صخرة من معدن الحق، تنكسر عليها أمواج الباطل، فكوني أصلب مما كنت، وأرسخ قواعد ممل كنت، تنحسر الأمواج وأنت أنت.

أقدمت فصممي. . وبدأت فتممي. . . وحذار من التراجع، فإن اسمه الصحيح (هزيمة). وحذار من التردد، فإنه سوس العزيمة.

إنك فائز هذه المرة بأقصى المطلوب، لأنك أردت فصممت وإنما يعين الله من مخلوقاته المصممين. وإذا كان المطلوب حقا، ثم صممي.

أن قلبي يحدثني حديثا كأنما استقاه من عين اليقين، وهو أنك فائزة منتصرة ظافرة من هذه المعركة، لأنك استعملت فيها سلاحا كنت تنشدينه فلا تجدينه، وهو الإرادة يحدوها التصميم، يمدها الإيمان بالحق، يربط ثلاثتها الإجماع على الحق.

إنك فائزة في هذا اليوم بالأمنية التي عملت لها قرونا، وإن فوزك فوز للعرب وللإسلام وللشرق. فيا ويح دعاة الوطنيات الضعيفة المحدودة، إذا أقدم الأبطال نكصوا، وإذا زاد الناس نقصوا. ويحهم، إن المستعمر سارق، وإن السارق الحاذق لا يسرق إلا في الظلمة أو في الغفلة، فإذا انحسر الظلام، أو انقشعت الغفلة ولى مديرا بالخبيثة والخسارة، وإن مصر لفي فجر صادق، وإنها لفي يقظة صاحية، فأي موضع يسع السارق فيها؟

صممي، وأقدمي؛ ولا يخدعنك وعد، ولا يزعجنك وعيد، ولا تلهينك المفاوضات والمخابرات، فكلها تضيع للوقت، وإطالة للذل. ولقد جربت ولدغت من حجر واحد مرارا.

أن الخصوم - كما علمت - لئام، فاقطعي عنهم الماء والطعام. وإن اللؤم والجبن توأمان

<<  <  ج:
ص:  >  >>