هذه هي الكعبة التي يولى شطرها ملايين عديدة من المسلمين وجوههم من أقاصي الغرب من دلهي إلى مراكش، كل يوم خمس مرات. تهفوا إليها قلوبهم وتشخص أبصارهم. إنها والله لمن أجل مراكز المعمورة وأشرف أركانها.
الإسلام:
ما هو الإسلام؟ كثيرون هم الذين لا يعرفون ما هو الإسلام، أو يتساءلون مستهزئين هذا السؤال. أما الأولون فهم معذورون وأما الآخرون فهم حاقدون. ولهؤلاء وأولئك أقول.
الإسلام هو أن نذعن للأمر الله ونسلم الأمر له ونتوكل عليه، ونعلم أن القوة كل هي في الخضوع لحكمة والاستنامة لحكمته والرضا بما قسمه لنا في الدنيا والآخرة. ومهما يصيبنا من شيء، فلنعلم أنه من الله ويجب علينا أن نتقبله بنفس راضية ووجه باش ونعلم أنه الخير ولولا ذلك لما اختاره الله لنا. (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنين) وقد قال شاعر ألمانيا (جونة) عندما عرف أن هذا الإسلام: (إذا كان هذا هو الإسلام وهذه تعاليمه فكلنا إذن مسلمون) نعم هذا قول حق لأن كل من كان شريفاً فاضلاً كريم الخلق قوي اليقين فهو مسلم. وقد قيل: (أن منتهى العقل والحكمة ليس في مجرد الإذعان للضرورة، لأن الضرورة تجعل المرء يخضع لها رغم أنفه، فلا يكون له فضل فيما يأتيه، وكيف يكون للإنسان فضل فيما يفعله مكرها! ولكن منتهى العقل وعين الحكمة هي اليقين بأن ما ينزل بالإنسان من حوادث الزمن هي الخير له، وأن لله في ذلك حكمة تلطف عن إفهامنا نحن البشر وتدق عن عقولنا، وأنه من الخطأ والسخف أن يعتقد الإنسان في نفسه القوة ويجعل من عقله الضئيل ميزانا للعالم وما يجري فيه من أعمال، فيضع الأشياء في غير مواضعها الحقيقية، بل يجب عليه أن يعتقد أن للكون قانونا عادلاً وإن غاب عن إدراكه وعجز عن فهمه، وأن الخير هو أساس الكون، والنفع هو روح الوجود، والصلاح لباب الحياة، عليه أن يعرف هذا ويعتقده ويتبعه في سكون وتقوى حتى لا يضل الطريق إلى الله. وهذا هو الإسلام.
إن الإنسان يكون مصيباً وظافراً، سائراً على الطريق الأقوم والخطة المثلى والمذهب الأشرف الأطهر، ما دام معتصما بحبل الله متمسكاً بقانون الطبيعة الأكبر، غير مبال بالقوانين الوضعية السطحية والظاهرات الوقتية. إن المؤمن هو الذي يتبع القانون