للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(تحية طيبة نبعث بها إلى الفرقة الناشئة الشابة المتوثبة من فوق منبر (الرسالة) ونعني بها فرقة (المسرح الحديث) التي ظهرت خلال هذا الموسم كما تظهر بواكير الندى وكما تتفتح براعم الورود فتجلوا كامن الحسن وخفي الجمال.

أخذ الناس إشفاق على تلك الفرقة يوم رأوها تنظم عصافير ناعمة بضة حسبوها تزقزق على خشبة المسرح فلا تبين، وتهتز الخشبة من تحتها فلا تثبت، وقالوا من أين لزغب القطا أن تقوي على ما تنبهر أمامه أنفاس النسور، ومن أين للظبي الأغن أن ينهض بما يعيا به الأسد الهصور.

ولكن هؤلاء المشفقين انقلبوا مشدوهين معجبين عندنا رأوا هذه الفرقة تنهض بالروائع لكبار المؤلفين من أمثال: موليير وتشيخوف وتيمور. وتنهض بها نهضة يرى الناس فيها بحق أن الأمر لو كان بالسن لكان في الأمة من هو أحق أمير المؤمنين بمجلسة كما قال الغلام العربي القديم.

وتنهض بها نهضة يبدوا فيها - أظهر وأبين ما يبدوا - معنى التضامن وفناء الفرد في سبيل المجموع ومعنى نكران الذات، فما رأينا واحدا منهم حاول في موقف له أن يسطع على حساب زملائه أو أن يسلب أخاه مجدا يراه حقا له. ولعل مرد ذلك فيهم إلى ما لقنوه من ثقافة ومعرفة حرمتها الكثير من رجال المسرح الأقدمين.

فهل من الأنصاف أن يقال عن رجل يصدر عنه هذا الكلام أنه يريد النيل من هذه الفرقة؟

على أن الأستاذ الجليل يستطرد فيتهكم بي ويغمرني غمرة يحسبها تنال مني إذ يقول (إن هذه أول مرة يطالع لي كلاما عن المسرح)! وليس عجيبا ألا يقرأ الأستاذ شيئا مما أكتب من فصول في الأدب والنقد والشعر منذ سنوات بعيدة، ولكن العجب كل العجب ألا يقرأ - على الأقل - هذا الكلام الذي قدمت وهو يمسه فرقته مسا مباشر.

ولولا أني أمقت أن أتحدث عن نفسي لدللت الأستاذ على مئات ومئات من الكلمات التي كتبت هنا وهناك منذ أكثر من خمسة عشر عاماً ولكن هذا انحدار بقدري لا أرضاه لنفسي.

ويزيد الأستاذ فيأخذ على أنني لم أحاسب الفرقة الأخرى التي لم تقدم شيئاً يتجاوب مع ما يستبد بنفوس الجمهور، وهو يعني بها فرقة الأستاذ يوسف وهبي وهذا كلام له خبيئ! فأرجو أن يعلم الأستاذ أنني لا تربطني بواحد فرد من أعضاء هذه الفرقة أقل رابطة، ولو

<<  <  ج:
ص:  >  >>