بالغمس، بل كان الأمر بالغمس عبثاً لأن الذبابة بوقوعها في الشراب قد ارتطمت فيه أرجلها وأيديها وبطنها وصدرها وأحد جناحيها، وفي هذه الأعضاء يوجد النافع والضار كما يقول الدكتور. وقد حصل البكتريوفاج في الشراب وبطل حكم الجراثيم المضرة. أفليس من العبث بعد هذا أن نغمس الذبابة في الشراب؟ وخلاصة القول أن الحديث إن صح فإنما ورد لبيان أمرين لا ثالث لهما، أحدهما غمس الذباب عند وقوعه في الشراب؛ والثاني بيان سبب الغمس وحكمته. وعليه فالجدال بيننا وبين الدكتور ينحصر في نقطة واحدة هي الغمس لا غير. ولذا نقول إن كان الشفاء لا يوجد إلاّ في أحد الجناحين كما يقول الحديث أيضا كان الغمس واجباً، وكان الأمر به معقولاً ومقبولاً، لكي يتم دخول الشفاء في الشراب مع الداء. وإن كان الشفاء أو البكتريوفاج موجوداً في جسم الذبابة كله كما يقول الدكتور كان الغمس عبثاً وكان الأمر به غير معقول ولا مقبول، لأن الذبابة بوقوعها في الشراب قد انغمس فيه أكثر جسمها، ولم يبق منها إلا جناح واحد، وقد دخل منها في الشراب كلا النوعين النافع والمضر من الجراثيم فأي حاجة تبقى إلى الغمس؟
ثم أن الدكتور بعد ما فسر عجز الحديث على هذا الوجه وأخذ يتكلم عن صدره فقال:(وأما ما ورد في صدر الحديث الشريف: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه) فالغمس هو لأجل أن يدخل البكتريوفاج للشراب).
أما نحن فنقول: أما أن الغمس هو لأجل أن يدخل الشفاء والبكتريوفاج في الشراب فصحيح لا مرية ولكن ذلك لا يتجه إلا بأن يكون البكتريوفاج في أحد الجناحين دون الآخر كما بيناه آنفاً، وإلا لم تبق حاجة إلى الغمس لأن البكتريوفاج موجودة في ذراعي الذبابة وفي رجليها وقد انغمستا في الشراب، كما أنه موجود في الجناح الآخر (على ما يقول الدكتور) وقد انغمس في الشراب، ودخل البكتريوفاج فيه، فلماذا يأمر بالغمس والبكتريوفاج داخل قبل الغمس؟
وقال أيضاً في الصفة (٥٣)(غالفن قد أثبت وجود البكتريوفاج في جسم الذبابة، سواء بحصوله من بلعها الجراثيم المرضية في أنبوبتها الهضمية أو بنقلها من براز الناقهين).
وقال أيضاً في الصفحة نفسها: (وحيث ورد في نص الحديث فليغمسه أي فليغمس الذبابة كلها فقد دخل في الغمس جسمها مع جناحيها. ولم يرد في الحديث غمس الجناحين فقط، مما