مملكة الخزر التي هدموها، لذلك كثيراً ما كانت نتيجة التنقيب، لا تتجاوز الطبقات التي تتصل بعهد أولئك البرابرة الذهبي. أما الطبقات التي بحثها، والتي تقص حكاية مصير الإسلام في ثناياها، في الفترة التي نتحدث عنها (١٠١٦م - ١٢٢٣م) قلما تصل إليها أيدي المنقبين.
غير أن النقص في هذه المقدمات التي تعين على الدراسة هذه المشكلة التاريخية، ينبغي أن لا يبقى عقبة تبرز إهمال هذه الدراسة. وعلى النقيض من ذلك يجب أن تحفز هذه الحقيقة رغبتنا، وتبعث فينا حب الكشف عن المجهول، وتدفعنا إلى التفتيش عن مصادر لم نفتش عنها قبل اليوم. ومن تحصيل الحاصل أن نقوم أنه ينبغي، بادئ ذي بدء، قبل الحصول على معلومات وافية عن طريق التنقيب، أن نلخص ما هو معروف من حقائق التاريخ، لنستطيع رؤية النتائج التي يمكن أن تنشأ عن مقدمات من هذا النوع. وهذا ما حفزني إلى محاولة الكشف عن هذه الحقائق الغامضة، التي ليس في استطاعتي قول الكلمة الفاصلة في شأنها، ولكن إذا قدر لي أن أوضح خطوط المشكلة الرئيسية بعض التوضيح، فقد يصيب محاولتي ما أرجوه لها من توفيق.
وسأستعين، بكل ما يتصل بالمصير السياسي لسكان مملكة الخزر السابقة، بنظرية المستشرق الروسي العظيم ف. جريجوريف الذي يعتقد أن أولئك السكان قد اندمجوا بالقبشاك وهم قوم رحل من دم تركي، تطلق عليهم المصادر الأوربية أسم كومانز والمصادر الروسية أسم بولوفرسيس ولسوء الحظ، لم يحاول البروفسور جريجوريف، كما أعرف، دعم آرائه بمصادر يمكن الرجوع إليها، ولذلك لا معنى لنا من إيضاح بعض الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع.
أما مصير الإسلام في مملكة الخزر السابقة، فسأحاول أن أوضح أن خضوع هذه المملكة للقبشاك، قد تبعه اعتناق العناصر التي استقرت من بداوتها، عن هؤلاء الناس، الدين الإسلامي الحنيف.
وتحت هذه الظروف، فسأحاول تقسيم هذا المقال إلى قسمين:
(١) اندماج الخزر في القبشاك. (٢) اعتناق العناصر التي تحضرت من القبشاك الإسلام في مملكة الخزر السابقة.