(الرسالة) فعل لا شيء صاغه المولدون من (لا شيء) وهي صياغة لا تقرها أصول اللغة.
التصحيف والتحريف:
سألني سائل في رسالة خاصة:(لقد جاء في كلمتك الأخيرة في رسالة الزاهدة قولك (التصحيف ولا أقول التحريف). فهل ثم فرق بين التصحيف والتحريف)؟
وإني إذ أشكر للسائل الفاضل سؤاله واهتمامه بلسان العرب ولغة القرآن أرجو أن يتفضل فيعلم أن (التصحيف غير التحريف) وإن كان بعض الكاتبين بجمع بينهما على معنى. .
فالتصحيف مصدر صحف أي أخطأ في الكلمة - كتابة أو قراءة أو الرواية - لتشابه وتجانس في صورة كلمتين واختلاف في النقط. ولقد رقع التصحيف منذ قديم في كلام بلغاء العرب ورجال الأدب وأشعار القدامى وسائر الأمثال حتى أن أبا عبد الله حمزة بن الحسن الأصفهاني وضع في ذلك كتابا سماه (التنبيه على حدوث التصحيف).
وأمثلة التصحيف بالنقط أكثر من أن تحصى، ومن أطرف التصحيفات التي تذكرها التواليف ما قيل من أن جماعة من المخنثين كانوا في المدينة في خلافة سليمان بن عبد الملك الأموي فأرادوا أن ينفيهم منها فكتب إلى عامله فيها - وكان وقتذاك أبا بكر عمر بن حزم - أن (أحص) من عندك من المخنثين. وصادف أن نقطة من السطر الأعلى من كتاب الخليفة وقفت أو وقعت فوق الحاء من لفظة (إحص) المهملة فصارت (إحص) بالمعجمة، فما كان من أبي بكر إلا أن خصاهم أجمعين.
وكذلك يقع التصحيف من تشابه رسم الحروف وهو من آفات العربية. وفي ذلك يقول البيروني في كتابه (الصيدنة)(ولكتابة العربية آفة عظيمة هي تشابه صور الحروف المزدوجة فيها! واضطرها في التمايز إلى نقط المعجم، وعلامات الإعراب التي إذا تركت استبهم المفهوم منها. .) الخ.
جاء في لسان ابن منظور في مادة (سوف). السواف بفتح السين: الفناء وفي القاموس السواف كسحاب: القثاة فأين الفناء من القثاء؟ ولكنه التصحيف يقع فيه القاموس ويسلم منه اللسان لينقلب الفناء قثاء كما انقلب المخنثون خصيانا!.
ومما أذكر في هذا الباب ما جاء في تعقيب لي على كلمة لإمام العربية المحقق المدقق