المرحوم إسعاف النشاشيبي قس تحقيقه لكتاب (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب) وتصحيحه لفظة (الأدب) من (والأدب من ذي الغيبة) إلى (الغنم) ثم تعقيبي (والأدب من ذي الغيبة) بالواو وهو الأصل الذي صحف عنه (الأدب) واستحسانه - رحمة الله - التعقيب والتصويب شاكراً ومقدورا في قوله:(لا ريب في أن أصل (والأدب من ذي الغيبة) والدليل على ما ذهب إليه أنت قريب وإن تباعد مني، فإن الناسخ القديم البارع (سامحة الله) استبدل بالواو دالا ثم جاء الطابع فطبع)
وأما التحريف فهو وقوع اختلاف في الحركة أو السكون مع تشابه أحرف الكلمة في النوع والشكل والعدد والترتيب.
فلفظة (الحب) مثلاً تأتي الكسر على معنى المحبوب والمحب، وبالفتح البزر المعروف، بالضم الجرة الضخمة. فاختلاف الحركة - كما ترى - نتج عنه اختلاف المعنى اختلافا واضحا ووقوع القارئ أو الكاتب أو الراوي في مثل هذا الاختلاف هو المقصود بالتحريف حركة أو سكونا. . .
وقد يجتمع التصحيف والتحريف معا في الكلمة الواحدة فيزيد الكشف سوء كيلة، والطين بلة، والداء علة. مثال ذلك ما ورد في القاموس في مادة (برقش)(أبو براقش طائر صغير يرى (كالقنفذ) والخطأ بالتصحيف ظاهر في لفظة التشبيه لا يحتاج إلى تنبيه. والصواب (كالقنبر) ذلك لأن القنفذ ليس بطائر باثنين حتى يشبه طائر به، وإنما هو دابة تدب على أربع. (راجع المقتطف٣٩: ٤٨٨ في أبي براقش)
وبعد: فمجمل القول في التصحيف والتحريف أن التصحيف يكون أكثر ما يكون باختلاف الحرف واختلاط النقط إهمالا وإعجاما، وأن التحريف يكون باختلاف الحركة أو السكون في الكلمة قراءة أو كتابة أو رواية. وقى الله لسان العرب وأصحاب القلم من الخلط ومصحفاً ومحرفا والسلام.