وغيرهم من أئمة المرسلين، ونهجت منهجهم في البيان والبلاغة. فشعوب العرب ولإسلام وقد أصبحت شعوبا واعية يقظة في عصرنا يقظة في عصرنا هذا تغنى العناية كلها يبعث الأساليب العربية الأصيلة، وتعتز بإقالة الفصحى من عثرتها بعد كبوة طويلة. فعصرنا هذا يمتاز بنمو العاطفة القومية، والشعور الصادق، والاعتزاز بالأدب القيم، والتطلع إلى بعث تراثه القديم.
ولو أن هؤلاء الأعلام المصريين استجابوا لدعوة الدعاة إلى اصطناع اللهجات فيما يكتبون وينشئون لأغراض الناس في الشرق كله من عرب ومسلمين عن اقتناء ما يدر إليهم من مطبوعات هذه البلاد. ولا نبالغ إذا قلت لكم إننا نعتبر هذه الدعوة خطرا على اطراد على ونمو الشعور. ونحن واثقون أنها دعوة ضعيفة لا تستطيع الصمود في طريق هذا الوعي المطرد إلا كما بصمد الهشيم في سبيل السيول الجارفة. فهذا الوقوف في طريق اليقظة الراهنة مخالف لطبيعة الأشياء، وهو إذا جاء عن طريق التساهل في الوحدة اللغوية أدهى وأمر.
لا غنى لشعوب الشرق العربي وفي طليعتها العراق والشام، ولا غنى لشعوب الغرب الغربي وفي طليعتها مصر وأفريقية في الفصحى دون غيرها من اللهجات.
نعم إن الصعوبة في الفصحى تأتي من ناحية الإعراب، وقد زال هذا الإعراب، وقد زال هذا الإعراب لأنه لم يعد عملياً في عصرنا الحاضر على الأقل، فلنحافظ على سلامة لغتنا الفصحى وتوحيد لهجاتها، وتقوم النطق بها، ولو بالتخلي عن الإعراب إلى حين إلا في التلاوة وما إليها، على أن ينظر في حل المشكلة الإعراب، وأن يعهد بذلك إلى المتخصصين المنقطعين لهذه الإعراب. وقد يعلل زوال الحركات أو الإعراب عن أواخر الكلمات بأن العرب كانوا في الجاهلية، وفي صدر الإسلام مطبوعين على الحركة واحتمال المشاق في حلهم وترحالهم وفي مغازيهم، فما كانوا يجدون جهداً أو كلفة في تحريك أواخر الكلمات. فلما خلدوا إلى الترف، وسكنوا إلى النعيم في المدن الزاخرة مالوا إلى الوقف والسكون. ولا يخفى أن الإعراب أو تحريك أواخر الكلمات يقتضي جهداً لا يقتضيه الوقف والإسكان، ويمثل ذلك بعلل تسهيل بعض الحروف أو زوالها من النطق بتاتاً في هذه اللهجات حيث يتطلب النطق بها بذل بعض الجهد والطاقة.