للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهم شوارعها استعدادا لكل ما عساه يجد من أحدث.

ومن وسائل الاحتياطات التي اتخذها نابليون أن أرسل المحصلين لجباية الغرامات من الأهلين، وهم الذين كادوا يهلكون جوعا وعريا أن هام أكثرهم على وجوههم في القرى، وبعد أن أصبحت البيوت لا عائل لها يدبر أمرها، تلك البيوت التي اقتلع المهندسون الفرنسيون أبوابها وأبواب الحارات التي تضمها ونبشوا القبور ونقضوا البيوت ليتخذوا من الحجارة والأخشاب تحصينات للقلعة، مما كان سببا قويا لاستفزاز الأهالي، وانقضاضهم على كل من يلقونه في وجوههم فكانت الضحايا من المهندسين فوق الحصر.

وسرت الثورة في كل مكان سريان الغار في الهشيم حتى عمت الدلتا والصعيد. فاتسع الخرق على الراقع، وضاق بونابرت ذرعا العدو الذي ما من صداقته بد، والذي استعصى على الترويض، والذي أنزل برجاله هذه الخسائر وهو الذي لا مدفع معه ولا رصاص.

واعتزم نابليون أن يخضد شوكة المصرين ويزعزع يقينهم بالكفاح المرير في سبيل الحرية والاستقلال، فأنفذ حمله الشام التي لم تأت بالثمرة المشتهاة، فلا هو فتح الشام ولا هو أذل مصر.

فاشتعلت الثورة من جديد في الشرقية بينما كان جيشه يرتد مهزوما أمام عكا الحصينة ومعه الجرحى والقتلى ممن لا عداد لهم.

واضطربت الأحوال في فرنسا حينذاك، فاستطاعت حكومة الدكتور قائد الحملة علة مصر، ولكن الأسطول الإنجليزي المتربص لفرنسيين في البحر حال دون وصول الرسالة إلى مصر. ومع ذلك تمكن الماكر الداهية من الإفلات فغادر الإسكندرية في ليلة ٢٣ أغسطس بعد أن أناب عنه كليبر وزوده بالتعليمات الكافية، يضمن ثقة الشعب المصري) ورأى نابليون قبل مغادرته مصر أن تركيا قد بدأت تحالف الإنجليز ضد فرنسا على حساب مصر، ففوض كليبر في عقد الصلح مع تركيا ولو كان ثمن ذلك جلاء الفرنسيين عن مصر نهائيا.

أحاطت المشاكل بكليبر من كل جانب، فالفرنسيين قد انهارت روحهم المعنوية، وتفشت الأمراض فيهم، وقضت الثورات على مهندسيهم، ونهب الثورات آلانهم الفنية النادرة، ولم يسلم القواد أنفسهم من الإصابات والجروح حنى نابليون نفسه، ونقص الإيراد وضعف

<<  <  ج:
ص:  >  >>