أوديت! أنا الجنية العاشقة! أنا التي أرسلت إليك لويس هذا الصباح ذاك الفتى ذا الصوت الحنون. . . أنا التي، وقد رأيتك تذرفين الدمع، جئت لأجففه. . أضرب في الأرض، وأؤلف بين قلوب العاشقين!. . . أزور الكوخ، كما أزور القصر، وأجمع عصا الراعي إلى صولجان الملك. أنا التي أزرع الورد تحت أقدام المحبين. .! ثم أربط بينهم ببنتين تختلج القلوب لهم فرحاً. أعيش بين الأعشاب، وفي جذوة الموقد المتآكلة، وتحت رفارف أسرة الأزواج. .! وحيث أضع قدمي فهناك يقوم حديث الغزل، ويكون همس القبل! لا تبكي أوديت، فقد أتيت لأجفف دموعك. . .
وعادت الجنية إلى الزهرة التي خرجت منها، واختفت هناك. .
أنت تعرفين يا نينونأن جنيتنا في الوجود. . انظري إليها ترقص في الموقد، وتألمي لمن لا يفكر بها.
واستيقظت أوديت وأشعة الشمس تنير غرفتها والعصافير تصدح بالأغاني والنسيم الصافي يداعب شعرها المغدودن الأشقر، وقد حمل عبير القبلة الأولى التي سرقها من الأزهار على عجل. فنهضت والنفس مفعمة بالفرح، وقضت يومها تغني تارة وتنفض الحقول أخرى، وترسل ابتسامة رقيقة لكل عصفور يحلق، والأماني تغريها فتقفز هنا وترقص هناك، ثم تضرب كفيها الصغيرتين بعضهما إلى بعض بقوة وسرور. . .
فلما كان الطفل تركت مخدعها، وهبطت إلى ردهة القصر الكبرى فوجدت فارسا يصغي إلى حديث عمها الكونت، فعمدت إلى مغزلها وانتبذت مكانا إلى جانب الموقد تسمع إلى صرصر يغني.
ونظرت إلى الشاب، فإذا غصن المارجولين بين يديه، يا الله! إنه لوئيس. . . وعلت وجنتيها حمرة ونضرة، وكادت ترسل صرخة، تدوي في فضاء الردهة، ولكنها انحنت على الموقد تؤرث النار فيسمع لها حسيس كأنه بث الأحزان، ويتمايل اللهب، ويفور الموقد، وتهيج النار. وفجأة ينجس من الموقد نور شديد وتظهر الجنية العاشقة، وقد افتر منها الثغر، ومال منها الجيد. . . فتجمع ثوبها الأزرق بين يديها، وتنطلق في الغرفة دون أن يراها أحد إلا أوديت. . .
أما الكونت فكان مسترسلا في حديثه بقص نبأ معركة هائلة وقعت مع الكفار، ويقول: