فتحابوا يا أولادي. . ودعوا أشباح الشيخوخة الزاهدة. أبقوا لها الأقاصيص بجانب النار المشتعلة، ولا تجمعوا الآن إلى زفير النار سوى وسوسة القبل. .! سيكون لكم يا أولادي من ذكرى هذه الساعات التي ذقتم بها اللذة ما يخيف أحزانكم وهمومكم فيها بعد. . . والمرء عندما يحب وهو في السادسة عشرة من عمره، فالكلام لا يجديه آنئذ نفعا. إن نظرة واحدة خير من خطاب طويل. تحابوا يا أولادي وتركوا الشيخوخة تتكلم. . .
وأظلت الجنية العاشقين بأجنحتها، فغدا الكونت لويس الحبيب، وهو يطبع قلبته الأولى على جبين أوديت الحبيبة المرتعشة!
نينون! يجب أن أتكلم لك على أجنحة جنيتي. . لقد كانت شفافة كالبلور، دقيقة كأجنحة الذباب، ولكنها أيضاً كانت تنقلب إلى ظلام دامس كثيف فلا يتجاوزها عندئذ رنين القبلات ووجيب الأفئدة. . . ليكون العاشقان بنجوة من العيون! وهكذا. . . وبينما الشيخ غارق في حديثه عن معركة المؤمنين والكفار، كانت معركة القبل قائمة بين لويس وأوديت. . .!
لقد حضن الجسم الريان، وقبل الخد الأسيل، ودغدغ النهد الناعم، وتمتع بالطرف الوسنان. . . والشيخ في حديثه غارق مسترسل. . .!
ليت شعري ما تلك الأجنحة. . .؟ إن الفتيات ليجدنهن أحياناً - كما قيل - فيأمن الأبوين ويتمعن بالحبيب، أحقاً ما يقال يا نينون. . .!
أما هذه الليلة، فقد رأت جبالا كلها أزاهير، زينت بالوف من الكواكب المصابيح نور كل منها أشد وضاءت من نور الشمس. . . .
وأصبح الغد، فلما متع النهار نزلت إلى حديقة القصر والتقت ثم بفارس حياها فردت له التحية، ولما ابتعد عنها نظرت إليه، فأذا غصن المارجولين معه رطب بالدمع. وها هي ذي أوديت تلتقي بالحبيب مرة أخرى. . . لقد عاد إلى القصر بعد أن تنكر بزي فارس. أواه يا نينون! لشد ما يكون السرور عظيما عندما تلقى الحبيبة بفتاها في وضح النهار. . .!
وأجلسها على مقعد مخضوضر من العشب تحت ظلال السنديان، واللسان صامت والعقل