للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بنقد ما يراد منه فتنتنا عما لدينا من تراث اجتماعي نستطيع به أن نجابه هذه الأفكار السطحية وندفعها بالحق. وهل الزكاة التي افترضها الإسلام عاجزة - إذا أحسن أداؤها - عن تعديل الأوضاع الاقتصادية وكفالة الأمن والسلام.

وليس غلوا منا إذ نقول إن اللغة الإنجليزية وآدابها لا تصلح لأن تكون عاملا من عوامل التثقيف أو التهذيب في مصر لأنها تقوم على مبادئ هدامة نذكر منها: فرق تسد - تمسكنت فتمكنت - المصلحة أولا - اعمل بما أقول لا كما أفعل - حتى أنت يا بروتس. -

كل ذلك وما إليه إنما ينطوي على الدس والخبث والنفاق والمادية والأنانية واللولبية الأفعوانية، وقد سبق لي أن قلت في مقال (عصابة روتشيلد) بأن الإنجليز هم الورثة الذين تبنوا اليهودية التي فككت أوصال أوربا في القرن الثامن عشر كما سبق أن قلت إن هذه اليهودية تتمثل في النزعة المادية وهي خاصية من خصائص لغة الإنجليز كما وضحنا ذلك في مقالنا عن (اللغة والفكر) حيث يقول الإنجليز: أي ادفع انتباها ويقولون: أي ادفع زيارة، كأن الانتباه والزيارة نقود تدفع.

ولو قدر لهذه اللغة البقاء في بلادنا أكثر من ذلك بهذا الوضع وبتلك المكانة فإنها تسيء إلى نفسها أكثر مما تحسن إليها، لأنها لغة أشاعت الذعر في النفوس، سدت مسالك التفكير، وضيقت من آفاق العقيدة، وزعزعت من أركان الآداب السامية والأخلاق الفاضلة، واستعبدت المدرسين حتى صاروا كالآلات الصماء حتى لقد استعاضت عنهم بالفوتوغراف.

وليس أمامنا الآن إلا خطوة عملية واحدة لرد اعتبارنا وحفظ كرامتنا كأمة ذات سيادة، وهذه الخطوة هي ألا نجعل لهذه اللغة في بلادنا أكثر من الوضع الذي صارت إليه بلادها، فقد أصبحت إنجلترا أفقر الدول بعد أن كانت أغناها، وأصبحت ذيلا بعد رأس، وصار لها في بلادنا (سفير) بعد أن كان لها (مندوب سام) وأصبحت في نظر العالم كله وباء، وبلاء، فلا أقل من أن تكون لغتها في بلادنا كذلك شر بلاء وأخبث وباء.

ومن العار أن يكون عدد حصص هذه اللغة أكثر من عدد حصص اللغة القومية. ومن العار أيضاً أن نطالب بجلاء الجيوش الاستعمارية بينما أكبر أصنام الاستعمار في مصر لا يزال حيا يعبد. ومن العار أن يتعطش شبابنا إلى معرفة مواطن البطولة في تاريخنا المجيد، فلا

<<  <  ج:
ص:  >  >>