ذريعة إلى الطعن في المخطئين، فماذا يفعل في الصحابة إذ أحلوا لأنفسهم ما حرمه عليهم الآن، فخطأ بعضهم بعضا، وطعن فريق منهم على فريق آخر يناوئه، أفيكونون بذلك قد خالفوا الحديث النبوي كما فهمه الأستاذ شاكر. . . أم عرفوا أن الصحبة وحدها لا تعصم من النقد والملام؟
لقد أتضح بجلاء أن الحديث الذي عنون به الأستاذ مقاله لا يتدرج على جميع من سعد بالصحبة، بل يختص الطائفة المناضلة التي لم تترك أخلاق القرآن في موقف، أو تنبذ روح النبوة في صنيع، وجميع من سار على النهج القويم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبن مسعود موضع القدرة والاحتذاء من المسلمين، وحرام على كل مؤمن أن يحوم على أحد منهم بطعن أو تجريح، أما الذين تأخر بهم الركب عن اللحاق بالإسلام في مشرق شمسه، فيجب أن ننظر إلى صحف أعمالهم ومواقفهم في الحياة ثم نحكم عليها في ضوء القرآن والنبوة، وهذا ما فعله الأستاذ سيد قطب، فقد نظر إلى أعمال معاوية وطائفة من بني أمية نظرة إسلامية صادقة، فوجد خليفة المسلمين قد بعد عن روح الإسلام في أكثر أعماله، وساعده في هذا السبيل فريق باع آخرته بدنياه، فرأى أن يقول كلمة الحق في أناس تجاوزوا حدود الله في أعمالهم، والأستاذ قطب لم يرد بكتابته أن يكون مؤرخا راويا، فالرسالة التي يضطلع بها الآن أعظم من أن تنحصر في حدود التاريخ، ولكنه ينادي بالرجوع إلى أحكام القرآن، وهدى النبوة، وتعاليم الإسلام، وقد عرف أن الخلافة الإسلامية قد فقدت معناها الديني بعد مصرع علي، وجاء من الخلفاء من أحالها إلى ملك عضوض، تبعد عنه روح الإسلام في أكثر نواحيه، وقد ظن كثير من الناس أن هؤلاء الخلفاء الرسميين من لدن معاوية يمثلون الخلافة الدينية التي تتقيد بالقرآن وتهتدي بالسماء، ورأوا من جرائرهم الخلقية، وترفهم المقيت، ولهوهم الماجن ما يبغضهم في الخلافة والإسلام، فقام الأستاذ السيد قطب بدافع عن دينه، ويبين أن الإسلام لا يعترف بخلافة بعد علي، وقد نطق بالحق المؤيد بالتاريخ حين أعلن أن معاوية أول خليفة تحلل من قيود الإسلام، أفنقول له بعد ذلك لقد تهجمت على أصحاب الرسول وخالفت هدى النبوة، أم يريد الأستاذ شاكر أن يفهم الناس أن معاوية وأشياعه يمثلون الإسلام بما ارتكبوه من رشوة وخداع وممالأة؟ لو أن الأمر كذلك لبعد الناس عن الإسلام، ولبرئ المسلمون من دين يبيح لخلفائه