ولقد كان الأحرى بالأستاذ شاكر أن ينقد ما ذكره الأستاذ قطب عن معاوية نقدا تاريخيا فيبين أن الواقع التي ذكرها في كتابه الخالد غير صحيحة، ولكنه لا يستطيع أن يفعل شيئا من ذلك، إذ أن الأستاذ قطب قد نقل وقائمه عن كتب التاريخ ولم يخترعها من عنده اختراعا، وهي - رغم ثورة الأستاذ شاكر - معروفة لدى الكبير والصغير.
فمن ذا الذي ينكر أن معاوية حين صير الخلافة ملكا عضوضا في بني أمية لم يكن ذلك من وحي الإسلام إنما كان من وحي الجاهلية.
ومن الذي ينكر أن أمية بصفة عامة لم يعمر الأيمان قلوبها! وما كان الإسلام لها إلا رداء تلبسه وتخلعه حسب المصالح والملابسات!! وهذا باستثناء عمر بن عبد العزيز الذي أحاطه الأستاذ قطب في كتابه بسياج من المحبة والإجلال، وجعل عهده بقية من عهود الخلافة الراشدة، وإشاعة مضيئة تنير الطريق، وقد بسط الكلام عن هذا الخليفة العظيم في أربع صفحات طوال!!
ومن الذي ينكر أن يزيد بن معاوية قد فرضه أبوه على المسلمين مدفوعا إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام؟
ومن الذي ينكر أن معاوية قد أقصى العنصر الأخلاقي في صراعه مع علي وفي سيرته في الحكم بعد ذلك أقصاه كاملا، لأول مرة في تاريخ الإسلام، وقد سار في سياسة المال سيرة غير عادلة، فجعله للرشوة واللهي وشراء الضمائر في البيعة ليزيد بجانب مطالب الدولة والفتوح بطبيعة الحال.
هذه وأمثالها أمور مسلمة في تاريخ لا يستطيع الأستاذ شاكر أن ينكرها بحال. ونحن نعجب كثيرا في حين نجده في مقاله يلبس مسوح الوعظ والإرشاد فيقول: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن إثم. يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا. أفبهذه الآيات وأمثالها يستطيع الأستاذ شاكر أن يسكت لسان التاريخ.
كنا ننتظر من الأستاذ أن ينتقد هذه الحوادث التاريخية نقدا موضوعيا يحدد على ضوئه موقف معاوية من تاريخ الإسلام! ولكن الأستاذ لا يستطيع أن يأتي لمعاوية بتأريخ جديد