فذهب بدافع عنه من باب آخر، فنقل عدة روايات تدل على أنه حسن الصلاة!! وأنه أوتر بواحدة! فقال أبن عباس أنه فقيه!! وأن الرسول قد قال: اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب!! وسار في هذا المضمار خطوات أتعبته كثيرا. والعجب أنه يجعل ما ذكره الأستاذ قطب من تاريخ معاوية روايات متلقفة من أطراف الكتب! وهي جميع ما تنطق به كتب التاريخ، أما ما ذكره الآن من فضائل معاوية فليس من الروايات المصنوعة، وإن اصطيد من مجمع الزوائد وأمثاله من مراجع الأستاذ، أفهذا منطق يقنع الباحثين!
وقد تعجب كثيرا وأنا أقرأ قول الأستاذ شاكر عن قطب (أن كان يعلم أنه أحسن نظرا ومعرفة بقريش من أبي بكر حين ولي يزيد بن أبي سفيان وهو من بني أمية، وأنه أنفذ بصرا من عمر حين ولي معاوية فهو ما علم!) كأن تولية عمر لمعاوية كافية لأن تمحو أخطاءه فلا يأخذ مؤرخ بملام! ونحن نقرأ أن معاوية كان حسن السيرة على عهد عمر فولاه أعمال دمشق، ولكنه قلب المجن للتعاليم الإسلامية بعد مصرع عثمان فلم تنفعه تزكية الفاروق في شيء، وعمر رضي الله عنه لا يعلم الغيب حتى تكون تزكية لإنسان ما في عهده ممتدة إلى جميع أعماله مدى الحياة!
هذا هو معاوية، أما أبو سفيان وهند زوجه وعمرو أبن العاص فلا أعلم أن الأستاذ قطب قد تجاوز الحق فيما كتب عنهم من تاريخ!! فجميع المسلمين يعرفون أن أبا سفيان حارب الإسلام حربا لا هوادة فيها، ولم يدخل في حظيرته إلا بعد أن تقررت غلبة الإسلام! وأن زوجه هند قد ولغت في الدم حين أخذت كبد حمزة بين فكيها، ولاكتها لتأكلها فلم تستطع، وإنها قالت عن زوجها حين أسلم: اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه، قبح من طليعة قوم، هلا قاتلتم ودافعتم عن أموالكم ثم أسلمت بعد ذلك أيضا!! وإن أبن العاص قد عاون معاوية في خصامه مع علي جريا وراء مآرب يدخرها لنفسه دون نظر إلى صالح الإسلام والمسلمين!! هذا كله ما ذكرته كتب التاريخ، أفيلام الأستاذ قطب إذا ذكره في معرض الدفاع عن الإسلام وتبرئته من آثام المذنبين أم يريد الأستاذ شاكر أن يؤخذ الإسلام بجرم أبنائه ومدعيه، حين يحتضن أناسا لم يتمسكوا بأهدابه وقواعده، ما يكون لنا أن نتكلم بهذا في ذلك الشأن.
ولقد تعمدت أن أكون واضحا صريحا حين تكلمت عن المراد (بالصحابي) فتحدثت عما