ولكن كيف؟ أيقتل ذينك اللذين لوثا اسمه ولطخا شرفه وكيف السبيل إليهما وهذه الفراسخ العديدة تفصلهما عنه، فلا هو بمستطيع أن يبلغهما، ولا هما ببالغيه قبل أن يموت. . . وأوغل في سبل الانتقام الكثيرة المتشعبة. . . وأغطش الليل ولما يهتد فكره إلى سبيل يبلغه طيته فيشفي غليله. . . واستلقى على الفراش بقلب ممزق وأضلع تكتنز نارا تكاد تأتي على بقايا جسمه المحطم.
وعندما انصدع عامود الفجر أقبل طبيب الطوافة (العتيد) التي اعتلاها علم الأميرال طويلا، ليعود رئيسه العليل؛ وذعر لدى رؤيته وجه رئيسه الشاحب الممتقع، ودهش لتقدم المرض السريع في يوم وليلة. . . ونم وجهه عن ذعره ودهشته فقال الأميرال:
- قل إني انتهيت يا دكتور.
لم يضع الأمل بعد يا سيدي. . . إنك في حال سيئة ولكن. . .
- لا تراوغني. لقد صمدت للموت مرارا، ولا أود أن يأخذني هذه المرة على حين غرة. قل الحق إني آمرك. . .
فظل الطبيب صامتا لا ينبس دقيقتين قال بعدهما:
- سيختارك الله هذا المساء على الأكثر يا سيدي إن لم تحدث معجزة وتلقى الأميرال الصدمة بكل ثبات. . . قال:
- حسن. . . وستعودني طبعا مرة أخرى. . . أليس كذلك؟
- بالتأكيد يا سيدي الأميرال. ألا تحب أن تخطر سيدتي المركيزة؟
- وأي جدوى في ذلك وهي في نيس. ثم إني لا أود أن أحملها الحزن فجأة. إنها تعلم أني مريض، وستعرف على كل حال أنها ترملت، ولكن يجب أن يكون هذا بعد أن أموت.
فانسحب الطبيب
وقابله باتريك لدى الباب فقال له:
كيف أبي؟
فلم ينبس الطبيب بل أجابت عنه عيناه، فأسرع الصبي نحو أبيه بقلب جزوع. فنهض الأميرال بجهد جهيد على مرفقه وقال: