للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- أدن مني يا بني. إن لي حديثا معك. . . إنك في الثانية عشرة من عمرك يا باتريك، ولكني مضطر أن أحدثك كما أحدث رجلا.

ولم يأخذ منهما الحديث طويلا. ولكن حينما انتهى ومضت عينا الصبي ببريق من نار، وتثلج بدنه حتى كأنما انتقلت برودة الاحتضار من بدن أبيه إلى بدنه. وفي أثناء هذا الوقت القصير انتقل فجأة من طور الطفولة إلى طور الرجولة، وما تحمل من متاعب وأعباء.

وفي السنة التي تلت ذلك، أي بعد موت الأميرال بعشرة أشهر أو تقل راح الناس يلغطون بقرب زواج أرملته من الشاب الوسيم القسيم فوشيرون. تناقلوا ذلك فيما بينهم في غمز ولمز كأنما كان ذلك عين ما يتوقعون. ويبدو أن العاشقين قد آثرا بعد علاقتهما الدنسة الآثمة أن يرتبطا بعلاقة يقرها العرف والدين.

ووصل الكابتن فوشيرون ذات صباح إلى القصر العتيد حيث تنتظره المركيزة مع ابنها بعد إذ قضى زوجها نحبه.

وعندما متع النهار وارتفعت الشمس دخل باتريك على أمه يحمل من الأعباء ما ينوه به عمره الصغير. قال لها:

- أحقا أنك تعدين العدة للزواج من الكابتن فوشيرون يا أماه؟

فأجابته بصوت مضطرب.

- من أبلغك هذا؟

لم ينبس الغلام. فاستطردت المرأة

- على كل يجب ألا يستجوب الغلام أمه.

- إني لا أقبل مهما يكن الأمر أن يشغل الكابتن فوشيرون مكان أبي.

لا تقبل! ماذا تقصد بهذا الهراء؟ ثم أشارت إلى الباب ماضية واستأنفت.

- أخرج من هنا حالا يا سيدي.

فانصرف من لدنها إلى غرفته، ثم غادرها بعد بضع دقائق إلى غرفة فوشيرون واقتحمها دون استئذان واضعا إحدى يديه فغي جيب بنطلونه.

وكان فوشيرون يحلق لحيته أمام مرآة، فاستدار نحو باتريك وقال:!

- إن اللياقة تقضي بدق الباب قبل الدخول.

<<  <  ج:
ص:  >  >>