الفضائل توصل إلى النجاح، لأنه يرى بعيني رأسه ويسمع بأذنه كل يوم أن للنجاح في الحياة سبيلا آخر غير السبيل التحلي بهذه الفضائل، ويحس التلاميذ الأبناء وهم مرهفو الحس أن أستاذهم رجل متناقض ويملأ الشك فيه نفوسهم، وهم إذ يحسون بذلك لا يفيدونمنه ولا يجدون جدوى في الاستماع إليه. ثم هم بعد ذلك يدخلون إلى الامتحان جهلاء خاوي الوفاض من كل شيء إلا من سلاح واحد مرن عليه الكثيرون وهو سلاح الغش الذي استشرى الآن بعد أن بدأ منذ سنين همساً في الامتحانات العامة والخاصة فلم يعد يقاومه الآن من الممتحنين إلا القليلون الذين يعرضون أنفسهم من جراء ذلك للنكبات. وكيف يبقى للأساتذة في نفوس تلاميذهم بعد ذلك أية مكانه عرفوا أنهم من جهة لا يفيدون منهم في تلقي العلم إلا قليلا، وأن لديهم من جهة أخرى طرقا غير مشروعة تقودهم إلى النجاح المطلوب في الامتحانات وسائر أمور الحياة! إنهم بعد هذا كله لا يستشعرون احتراما لمعاهدهم ولا لأساتذتهم! أليس هذا هو الحال في معظم مدارسنا؟ أليس هذا هو الحال الذي يشكوه كل أستاذ وكل ناظر وكل عميد! يالها من غمرة ترتجف له الأبدان وتنفطر لها القلوب؟ إنها غمرة الصلف والأنانية والمادية التي رمانا بها الغرب فكسحت أمامها كل فضيلة وأماتت الضمائر وأبادت كل خير! ثم ماذا يجدي تغيير نظم الامتحانات وجعل نقل التلاميذ من فرقة أخرى في ذمة المعلم بعد أن وضح أمامنا ما آل إليه المجتمع من فساد في الذمم حتى كاد يكون من المستحيل على العلم أن يجعل الذمة أساسا لحكمة على هؤلاء الأبناء المساكين! لقد دعونا إلى هذا التغبير في نظم الامتحانات من زمن بعيد وفي مؤلفنا (التعليم والمتعطلون في مصر) الذي صدر منذ ثلاثة عشر عاما؛ ولكن الحال الخلقية وقتذاك لم تكن تدهورت هذا التدهور، وكان هناك نوع من الحياء ومحاسبة الضمير. أما اليوم والحال أصبح كما وصفنا فإن الأمر لا يصبح أن يقتصر على قوانين فقط تكتب على الورق ليكون تنفيذها هباء بل ليكون ضارا. . ولكن الأمر يتطلب علاجا حاسماً ذا وجهين: وجه سريع يتعلق بالتلاميذ فيحال بينهم وبين الحزبية والمخربين وموظفي الدولة والرجال العاملين فيها فتنظف أداة الحكم ويحاسب كل منهم حسابا دقيقا على ما ارتكبوا وعلى ما جنوا على الأخلاق وبخاصة أولئك الذين مصوا دم الشعب وأثروا طفرة على حسابه. وفي تطبيق قانون الكسب غير المشروع الجزاء الأوفى إذا طبق تطبيقا