وهواك. . . أما أنا فسأعاهدك الآن عهداً لا أحنث فيه ولا أنحرف ألا أخوض في ذكر هذا الموضوع الذي سيكون برغم هذا هو شغلي الشاغل وهمي الناصب. . فحددي بعيشك موعد جوابك. وهنا تمتمت مدام (ليجيه) بصوت محتبس ولهجة ضارعة: سيكون ذلك حين ينتهي أجل حدادي على زوجي الراحل. وبما أنك تدعي حبي فأرجوك التمسك بوعدك منذ الآن كما أتمسك بوعدي أنا. والآن أرجو ألا تلح علي في هذا الشأن فقد كفاني ما كفاني. . .
ثم يقول لها، وهو يود أن يوضح بالوقت المعين كل شك وغموض يمكن أن يعتور موعده المرجى: وإذن فسيكون جوابك بعد أسابيع في الرابع عشر من نيسان؟! فأجابت على هذا بإيماءة من رأسها ثم انعقد بينهما جو من الصمت. . .
لقد غالت يد الموت زوجها الحبيب في الرابع عشر من إبريل أي منذ اثنتين وعشرين شهراً سلفت قبل هذا اليوم الذي يجالس فيه مدام (ليجيه) خطيبها المسيو جورج. كل ذلك جال بذهن (مدام ليجيه) وظن الخاطب الصديق الذي شعر بثقل كلماته على نفس الزوجة بعد أن عين لها الموعد المضروب. . .
أن يستأنف المرء حياته دون أن يعوج بذكرى أحبته الراحلين عن الدنيا ففي ذلك ويا للحسرة إساءة إلى ذكراهم الغابرة وعهودهم الماضية، وإذن فمن يغب عن الوجود تمت معه ذكراه وتنعدم ثم تبتلعه هوة العدم إلى غير رجعة، والهفتاء.
ومرت على هذا اليوم ستة الأسابيع المضروبة دون أن يلم خلالها طيف الزوج الراحل ودون أن تتردد ذكراه على رأس الخاطب ومدام (ليجيه) فتفسد عليهما خلوتهما اللذيذة وجلساتهما اليومية المتعاقبة. . .
ويجد المسيو جورج من اللطف والأدب ألا يعرض لذكر الموعد المرتقب خلال هذه الأسابيع الستة. ثم يرى من الظرف والكياسة أن يغادر (باريس) حين اقترب اليوم المضروب يوم ١٦ نيسان. أما مدام (ليجيه) فقد أخذت تتهيأ لهذا اليوم وهو ذكرى يوم وفاة زوجها. وقد أحيت هذه الذكرى في ذلك اليوم في شيء من البرود وعدم المبالاة لم تمتزج بهما إثارة من حنان ولا بقية من فجيعة وحسرة. وفي اليوم الثالث عشر من نيسان تسلمت من جورج خاطبها خطاباً ينبئها فيه بزيارته من الغد عند الظهر، فأقبلت على الرسالة