حداثته، وهي قصة أثبت المستشرقون استنادا إلى تحقيقاتهم الدقيقة التي لا مجال لذكرها هنا إثباتا قاطعا أنها مختلفة من أساسها؛ ملفقة في جملتها وتفصيلها، ولا ظل لها من الحقيقة أبداً، وأن مخترعها مؤرخ يدعى ميرخوند من مؤرخي القرن التاسع الهجري
الأسطورة الثانية
يوم مشرق جميل، جو عابق بأنفاس الرياحين والورود؛ هدوء شامل وصمت مطبق لا يتخللهما سوى خرير الماء وتغريد البلابل. . والخيام قرير العين جذلان، جالس في دعة وسكون وأمامه ديوان شعر مفتوح وبجانبه زجاجة وكؤوس تأتلق بين جنباتها الأضواء وتتراقص على حواشيها الظلال
ومقامي غصن مظل بقفر
ورغيفان مع زجاجة خمر
كل زادي والأهل ديوان شعر
وحبيب يهواه قلبي المعنى
بشجي يذيبني يتغنى
هكذا أسكن القفار نعيما
وأرى هذه القصور خرابا. . .
(السباعية للبستاني)
وعلى حين فجأة تنكشف الطبيعة الوادعة الهانئة عن ثورة جامحة، وغضب مكتوم، فتزمجر الرعود، وتنقض الصواعق، وتكتسح الرياح الهوج كل شيء أمامها فتتحطم الزجاجة وتتناثر قطع الكؤوس هنا وهناك وتصبغ الخمرة وجه الأديم بلونها اللازوردي، فتثور نفس الخيام، وتهيجه النازلة، ويلهبه اليأس فينشد وهو في شبه غيبوبة من أثر الصدمة الغير المرتقبة، ويقول:
ابرين مي مراشكستي ربي ... كسرت زجاجة خمري يا ربي
برمن ورعيش رايبستي ربي ... أوصدت في وجهي باب الطرب يا ربي
برخاك فكندى من كلكون مرا ... سكبت خمرتي الوردية على الثرى