الحياة القبلية إذ رحلوا بعد الإسلامإلى الديار القريبة من مراكز الخلافة الإسلامية
ولم يؤثر في الحياة الأدبية عند الأتراك دين من الأديان التي اعتنقوها قبلا بقدر ما أثر فيها الدين الإسلامي الحنيف. ويتطلب دراسة هذا التأثير بنوعيه الإيجابي والسلبي تفصيلا وتمحيصا، وقد أجزناها الآن في سطور عسى أن نجد فرصة أخرى نعالج فيها هذا الموضوع بالشرح والتمحيص
لقد كان أثر الإسلام في الأدب التركي أعظم من أثره في الأدب العربي كما تبين ذلك من الآتي:
غير الإسلام من غير شك مجرى الحياة الأدبية عند الأتراك تغييرا عظيما. فأخرج الأدب التركي من عزلته الجاهلية وأدخله في قائمة الآداب الشرقية الحية. فنرى منذ ذلك اليوم ازدهاراً كبيرا ونمواً متزايداً في النتاج الأدبي عند الترك. ويندر أن نجد آثارا خلفها الترك من عصر جاهليتهم، إذ أن غالب الآثار التي أنتجها رجال الفكر التركي منشؤها هذا الدين القيم الذي مهد السبيل أمام المفكرين وأنار لهم الطريق، طريق الرقي في مدرج العلم والثقافة
وقد كان من آثار هذا الدين اقتباس الترك الأفكار الأدبية من خزائن الآداب الإسلامية الأخرى أضافتهاإلى ثروتهم
وكان الأدب التركي في الجاهلية أدبا فرديا غير متسم بطابع الأدب الجماعي، ونعني بالأول ذلك اللون من الأدب المشتت شمله والمجهول عوالمه، الصادر عن عقلية ضعيفة غير متكاملة. فما كان من الإسلام إلا أن وجد اتجاه الأدباء في أساسه توحيدا كاملاً
ولا ينكر ما لهذا الدين من تأثير سلبي في الأدب التركي من بعض الوجوه، كاللغة. وقد كانت اللغة التركية خالصة في أصلها، خالية من الألفاظ الأجنبية. وبعد نشوء العلاقة الدينية بين الأتراك وبين غيرهم من الأقوام بدأت الألفاظ الغريبة من فارسية وعربية تتسربإلى هذه اللغة بالتدريج حتى شاع بين الأتراك استعمال بعض القواعد الأجنبية في الكتابة استعمالا أذهب عن اللغة التركية روعتها
وقد تأثر الكتاب الأتراك بلغة القرآن تأثراً بليغاً حتى حدا بعضهمإلى استعمال اللغة العربية في الكتابة عوضا عن لغته الأصلية. وقد أنتجوا كثيرا من المؤلفات القيمة في هذه اللغة من