للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

توفى الشيخ بهاء الدين سنة ٦٢٨ هـ وكان قد لقن ولده العلوم الظاهرية. ورأى جلال الدين بعد وفاة أبيه أن يسعى لإكمال دراسته وإتمام ثقافته، فاتصل بالسيد برهان الدين الترمذي - من تلامذة والده - فدرس عليه العلوم الباطنية، وقد نال إعجابه. فما كان من السيد الترمذي إلا أن جعله (مريداً) له

وتعد سنة ١٢٤٤م بداية عهد جديد في حياة جلال الدين الرومي، فقد التقى بالشيخ شمس الدين التبريزي المتصوف المعروف، فانصرف معه إلى الحياة التصوفية وبدأ منذ ذلك اليوم. ينظم القصائد الجياد في الشعر التصوفي حتى غدا شاعرا يشار إليه بالبنان، وقد خلف مؤلفات قيمة ترجمت إلى لغات كثيرة، نذكر منها (الديوان الكبير) الذي اشتمل على منظومات رباعية بديعة وأشعار رقيقة في الغزل. و (المثنوي) وقد حاز إعجاب الجمهور، ونال استحسان الأندية الثقافية. فأقدم العلماء على درسه وترجمته إلى لغات مختلفة. ويتضمن هذا الكتاب قصصاً وروايات رمزية، ونصائح وإرشادات دينية قيمة. ويحتوي كذلك على شرح المذهب الصوفي في محبة الله. . .

وقد جاء الكتاب بأسلوب قصصي بديع تجلى فيه الأدب الرفيع بأبهى جماله. وكان جلال الدين قد نظم أشعاره باللغة الفارسية باستثناء بعض المقطعات التركية وهو مع ذلك لا ينفي كونه تركيا خالصاً إذ يقول:

(أصلم توركست اكرجه هندو كويم)

بمعنى: أنني من الأصل التركي وإن اخترت الفارسية لغة

وهو يعد بحق مؤسس الطريقة الجلالية التي سميت فيما بعد بالطريقة المولوية. وتوسعت هذه الطريقة على يد ولده النجيب الموسوم ب (سلطان ولد) الذي تمكن من نشر لوائها فوق سماء البلاد النائية، فتفرعت الطريقة إلى فروع تغلغلت جذورها في داخل الأقطار العراقية والسورية والمصرية، وانتشرت مبادئها كذلك في بلاد أذربيجان الشمالية

ولهذه الطريقة أثر عظيم في سير الأدب التركي. فقد أخذ الشعراء الأتراك يتقربون إلى شيوخها ويعتنقون تقاليد الطريقة وشعائرها المعروفة، فظهر لون من الأدب ينبغي تسميته بالأدب المولوي الذي أصبح فيما بعد يسمى بأدب التكايا، وذلك نتيجة تنوع الطرائق الصوفية وانتشارها في طول البلاد وعرضها

<<  <  ج:
ص:  >  >>