ولكن هذه العوارض لا تظهر لسوء الحظ إلا بعد إن يكون الداء قد تملك من ضحيته، ولهذا يعني العلماء باكتشاف طريقة تمكنهم من تشخيص المرض قبل ظهور أعراضه
إن المعدة هي أكثر أعضاء الجسم تعرضا للسرطان، وتدل الإحصاءات على أن نصف الإصابات السرطانية يتناول المعدة، والنصف الأخر بقية الأعضاء. وأعراض هذا السرطان أقل ظهورا وتشخيصها أكثر صعوبة، ولذلك يدعونه (السرطان الصامت)
وكان الأطباء وما يزالون يبنون تشخيصهم في الأورام السرطانية الداخلية على صور التي تلتقطها الأشعة، غير أن تلك الصور قد تضلل الطبيب أحياناً لغموضها فلا يمكنه الجزم في أمرها. وقد حل هذه المشكلة أخيرا العالم دجون كولتمان من مختبرات وستنهوس في بتسبورغ بصنعه جهازاً يوضح الصور خمسمائة مرة أكثر من الأشعة المجهولة
ومن المعلوم الآن أن الكهرباء موجودة في كل حي، وأن التيارات التي يصدرها أحد الأعضاء كالقلب أو المخ مثلا تختلف عن تيارات الأعضاء الأخرى. وقد عنى الدكتور بر بهذه القضية فعهد إلى الطبيعي سيسيل لاين في صنع جهاز يسجل التيارات الكهربائية الضعيفة. وما كاد يجربه بر حتى أدهشته النتيجة؛ إذ ظهر له أن تيارات الخلية المريضة تختلف بشكلها عن تيارات الخلية السليمة. وفي أثناء تجاربه العديدة خامره الشك في صحة آلته، إذ رسمت شكلا واحد للتيارات المنبعثة من الفئران المصابة بالسرطان ولغيرها من التي كان يحسبها سليمة. بيد أن آلته لم تخطئ وإنما كان هو الواهم، وكم كانت دهشته عظيمة يوم رأى بعد بضعة أسابيع أن كل الفئران - التي خرجت في اعتقاده على القاعدة - قد ظهرت فيها نوامى سرطانية. فتحقق عندئذ أن آلته لم تكذب، بل أنبأت بوجود البؤرالسرطانية في الفئران قبل ظهورها، وعندئذ بدأ بر يجرب جهازه في الأحياء البشرية، وقد أقتصر أولا في تجاربه على النساء فعمد إلى ٧٥ امرأة لا شبهة في أنهن مصابات بالسرطان فلم تسجل الآلة نتيجة سلبية إلا لواحدة فقط. وفحص ٦١٦ امرأة فحكم الجهاز سلامتهن ثم فحصهن بطرق أخرى فلم يشتبه إلا بخمس منهن
وقد يكون اكتشاف الدكتور شارلس هينغس الجراح المشهور الكلمة الفاصلة في تشخيص السرطان قبل ظهور أعراضه، وقد قوبل في أميركا (كأمضى سلاح عرف حتى الآن