للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولهذا العمل الذي يقوم به المربي الأدبي الكبير الأستاذ كامل كيلاني، ناحيتان لهما أكبر الأثر في التثقيف الأدبي وبخاصة في تنشئة الجيل وتخريجه وإعداده لتذوق الأدب الرفيع

الناحية الأولى هي قطف الثمرات الأدبية التي أخذت مكانها البارز على فروع شجرة الأدب العالية، ومعالجتها بما يدينها من إفهام الشباب وأذواق المعاصرين على العموم. وقد اختار من الأدب الغربي أربع قصص ذات صيت، أولاها (الكوميديا الإلهية) لشاعر الطليان، والثانية (جلفر) لسويفت الإنجليزي، والثالثة (روبنسون كروزو) لدانييل ديفو الإنجليزي أيضا، وقد ظهرت هذه القصص الثلاث، وبقيت القصة الرابعة التي لا تزال تحت الطبع وهي (دون كيشوت) لسر فنتيس الأسباني

ومما يذكر أن ثمت شبها بين قصتي (روبنسون كروزو) و (حي بن يقظان) لأبن طفيل، كما بين (الكوميديا الإلهية) و (رسالة الغفران) ويؤيد القول بأن صاحب (روبنسون كروزو) أستلهم (حي بن يقظان) أن هذه القصة العربية ترجمت إلى الإنجليزية سنة ١٦١٦م ثم ترجمت من الإنجليزية إلى عدة لغات، والفت (روبنسون كروزو) بعد ذلك بعشرات من السنين

الناحية الثانية، أو الثمرة الثانية، لذلك العمل المخصب، هي الصياغة العربية الجميلة التي يصوغ بها الأستاذ الكبير تلك الآثار الخالدة، هذه الصياغة التي يعطي فيها للناشئ محصولا شهيا من اللغة الملائمة له، وعمل الأستاذ كيلاني في هذا الحقل يشمل إنتاجه الوافر من بدئه مع الطفل في روضته حتى يبلغ بالشاب مستوى النضج. ونراه هنا في (الكوميديا الإلهية) يرتفع بفتاه إلى أسلوب يدنيه من أساليب البلغاء، ويسيغ له ما يراه جديدا عليه من كلمات بوضعها في سياق مبين أو بشرحها بين الأقواس، وهو يأتي بالكلمات المشروحة سائغة عذبة في تركيبها، ولم أجد فيها ما شذ عن ذلك إلا كلمتين ارتطمتا بذوقي وهما (حبيه) و (ودية) في العبارة التالية: (إن اسمي بيتريس وقد جئت إليك من دار النعيم، يدفعني حبيه (محبتي له) ويحفزني وديه (مودتي له). . .) وأنا لا أميل إلى اختيار الكلمات لمجرد إضافتها إلى المحصول اللغوي دون أن تكون خيرا من غيرها

وإني أورد هذه (الملاحظة) كرقية تقي سائر ما يتصف به أسلوب الكتاب من جمال - شر عين الحاسد. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>