قرأت في الأسبوع الماضي كلمة بتوقيع (احمد محمد مرزوق) في جريدة (اللواء الجديد) الأسبوعية، قارن فيها الكاتب بين مقابلتين وقعتا له: الأولى مع وكيل وزارة المعارف المصرية (وكان إذ ذاك حسن فائق باشا) والثانية مع وكيل وزارة المعارف بألمانيا. لاحظ في المقابلة الأولى فخامة المظهر من مكتب فاخر ومقاعد وثيرة. . . الخ وما يصحب ذلك من حجب وانتظار، وقارنه بما رأى في وزارة المعارف الألمانية من بساطة وسرعة استقبال، متمنياً أن نأخذ بمثل هذا ونوفر للدولة ما ينفق على تلك المظاهر وما تجر إليه من تعطيل مصالح الناس
الحقيقة التي لا شك فيها أن الواقع في الدواوين عندنا ينطبق على ما ذكره الكاتب الفاضل، بل هو أكثر منه، وكثير من الكتاب يعتقدون أمثال هذه المقارنات بين ما هنا وما هناك. وفي الموضوع زوايا قد تخفى على بعض الأنظار؛ وهي تتمثل في اختلاف الحال بيننا وبين من نتطلع إلي واقعهم الجميل. . وأود قبل الإنعام في هذه الزوايا، أن أسال: لم خص الكاتب حسن فائق باشا بالذكر؟ ويدعوني إلى هذا السؤال أن فائق باشا بالذات من أقل كبرائنا المصريين ميلا إلى هذه الأبهة والعزة بالسلطان، إلى ما عرف عنه من نظافة السيرة والتشبث بإحقاق الحق، ولا يذكره بغير الثناء إلا الذين منعهم بالحق ما أرادوه بالباطل. . فمثل هذا الرجل لا ينبغي أن يذكر مثلا لأمر عام هو أقل الناس انطباقا عليه
أما الموضوع عينه فأحب أن يكون في الاعتبار، عند النظر فيه، إمكانيات واقعنا، إنه لا يكفي أن نطالب ولاة الأمور بفتح أبوابهم للشاكين وأصحاب الحاجات دون أن ينظر في العوامل التي تكثر من أجلها الشكاوي والمطالب، فإنهم لو فعلوا لأضاعوا وقتهم ولم يستطيعوا أن ينجزوا أعمالهم. والذين يقصدونهم إما صاحب حق مضيع من جراء الفوضى وإهمال الموظفين، أو وصولي يسابق للظفر بما يرضي طعمه، أو جاهل أحمق جاء يطلب ما لا ينبغي أن يطلب، ومن أمثلة هذا النوع الأخير رجل ذهب إلى مكتب وزير المعارف يقول إن أبنه المتقدم لامتحان الشهادة الابتدائية سيسافر معه إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ويطلب أن يؤجل امتحانه حتى يرجع فيعقد له امتحان خاص. .
وكل هؤلاء الطالبين والمطالبين قد استقر في أذهانهم أن (كل شئ بالواسطة) فهم يريدون