للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس!! وربما يتضح ما نعنيه من هذا المثال

لقد أرادت الدكتورة أن ترسم صورة للمهد الحزين الذي تقلبت فيه الوليدة الجديدة زينب حين استقبلت الحياة، فوفقت الكاتبة في شيء وخانها التوفيق في شيء آخر. . وفقت حين ذكرت أن الزهراء رضى الله عنها لم تكن أثناء الحمل مشرقة مطمئنة، فقد كانت تعتادها نوبات من القلق والاكتئاب، وأخذت تزداد بعد موت والدتها خديجة، ثم اشتدت حين حلت عائشة مكان الراحلة العزيزة، وهو المكان الذي ترك بضع سنين لفاطمة، ثم كان بين الابنة وزوجة الأب، ما يشبه الذي يكون بين مثيلاتهما من الناس، وفي هذا القلق المضطرب، والنزاع الحائر، ولدت الطفلة العلوية، فتأثرت بما يحيط بها من حيرة ونزاع، وأظل مهدها الوديع سحاب من الحزن والاكتئاب!!

هنا ندرك التوفيق لأن الكاتبة تنتزع فروضها ونتائجها من الواقع المشاهد، أو المحتمل أن يكون، ولكننا نتلمسه بعد ذلك في بقية الفصل فلا نجد ما يدل عليه، إذ أن المؤلفة تنزع إلى الأسطورة المكشوفة، لتكمل بها صورة رهيبة للمهد الحزين، فوالد الطفلة، ووالدتها خائفان متحسران إذ سمعا من الرسول ما ينبئ بمصرع الحسين في كر بلاء، فقد أعطى النبي زوجته أم سلمة زجاجة بها تراب حمله إليه أمين الوحي، وقال لها: إذا صار التراب دماً في القارورة فقد مات الحسين!! وهنا تحول بيت الزهراء جمرة موقدة من الحزن والهلع، وجاءت الوليدة لتتأثر بما يغمر البيت من لوعة واكتئاب

والدكتورة الفاضلة تضيف إلى خبر أم سلمة خبرا مثله عن زهير بن القين البجلي، ليتم لها صورة قاتمة للمهد الحزين، ثم تنقل شكوك المستشرقين في صحة هذين الخبرين، وما يجري معهما في مضمار واحد، وتعقب على ذلك بأنها - بنت الشاطئ - لا تحيل أن يكون شيئا من هذه الشائعات قد شاع!! وأن المؤرخين المسلمين لا يشك أكثرهم في أن هذه الروايات صادقة كلها!!! وليس الأقدمون وحدهم هم الذين نزهوا مثل هذه الروايات عن الشك، بل أن من كتاب العصر من لا يقل عنهم أيمانا بتلك الضلال!! كل ذلك ليكتمل للمؤلفة موضوعها الطريف الذي اختارت لعنوانه هذه العبارة الأنيقة (ظلال على المهد) ولا أدري لم جنحت المؤلفة إلى تسطيره وهو وحده يمل بالقراء إلى الشك في جميع فصول الكتاب!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>