كالعهن المنفوش) في يوم القيامة ستتصدع الأرض وتتفتت وتذهب في الفضاء هباء منثوراً.
وكان سلطان الله وعظمته لا يزال واضحاً لعينه على كل شيء، وأن كل مكان مملوءة بقوة مجهولة ورونق باهر وهول عظيم، إن هذا الكون هو الحقيقة الصادقة، والجوهر القوي، هكذا كان محمد ينظر في الكون، وهذا ما يسميه علماء العصر الحديث القوى والمادة. ولكنهم لا يرونه شيئاً مقدساً، بل إنهم لا يرونه واحداً، بل أشياء متعددة تباع وتشترى بالدرهم والدينار، وتستخدم في أغراض الناس وإصلاح حالهم أو إفساده، فهم لا ينظرون إليها على أنها سر من أسرار الله في الكون.
إن العلوم الحديثة من كيماويات وحسابيات، قد أنستنا ما يكمن في الكائنات من سر إلهي وعظمة تدل على الخالق القوي القدير. فما أفحش ذلك النسيان عاراً وما أشد هذه الغفلة إثما، فإذا نسينا قوى الله في العالم فأي الأمور يستحق أن يذكر، إن العالم اليوم يسير في مجاهل الغرور والضلال، وصار الناس يفتخرون بما بلغوا من علوم ومخترعات، ولو كان لهم نظرات صادقة لرأوا أن معظم علومهم أشياء ميتة بالية، وأن مخترعاتهم بقلة ذابلة، وأن هذه العلوم التي يفتخرون بها لولا سر الله لما كانت إلا خشباً يابساً ميتاً، ليست بالشجرة النامية التي تعطي الثمر اللذيذ المفيد، ولا بالغابة الكثيفة الملتفة التي لا تبرح تعطينا الخشب الذي نستفيد به، ووالله لن يجد المرء - إذا أبتعد عن طريق الله - السبيل إلى العلم إلا شقشقة كاذبة، وبقلة كما قلت ذابلة.
محمد رسول الله:
مثل هذا الرجل هو ما نسميه رجلاً أصيلاً كريم العنصر صافي الجوهر، وهو رسول مبعوث من لدن القوة العلية أرسلته إلينا برسالة قدسية فيها لنا هدى وتبصرة، وقد نحار في تسميته فنسميه شاعراً أو نبياً أو إلهاً. . . وسواء كان هذا أو ذاك، فالذي يجب أن نعلمه أن ما جاء به هو من عند الله، وأن قوله ليس مأخوذاً من رجل غيره؛ وإنما هو صادر عن الأبدية السرمدية وأنه من لباب الحقائق.
ولن أكون مغالياً إذا قلت إن مثل هذا الرجل يرى باطن كل شيء لا يحجب عنه ذلك اصطلاحات كاذبة ولا اعتبارات باطلة ولا معتقدات وعادات سخيفة، فقد نزه نفسه عن