للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن الفتى من له الإيثار تحلية ... فحيث كان فمحمول على الرأس

ما إن تزلزله الأهوال قوتها ... لكونه ثابتا كالرأس في الرأس

لا حزن يحكمه، لا خوف يشغله ... عن المكارم حال الحرب والبأس

أنظر إلى كسرة الأصنام منفرداً ... بلا معين. فذاك اللين القاسي

وفي البيت الأخير إشارة إلى فتوة إبراهيم عليه السلام

وكذلك نجد في العهد العباسي لونا ثالثا من الفتوة وهو فتوة العيارين والشطار، وكانت تستخدم في السلب والنهب. وثمة لون رابع من الفتوة، وهو الفتوة المنعقدة بين جماعة لسبب ما كغربة، وكما حدث من المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في عهد النبوة الكريم. وهناك فتوة الإسماعيلية كالحسن الصباح وفتيانه، وأيضاً فتوة الحروب الصليبية كصلاح الدين الأيوبي، وأسامة بن منقذ، ونور الدين محمود بن زنكي.

وقد تأثرت الفتوة في العصر العباسي بفتوة الفرس وفتوة الترك، علاوة على تأثرها بالفتوة العربية، وعلاوة على تأثرها بالعناصر الدينية.

ومن ميزات الفتوة أنها (تتضمن الشجاعة، والإتيان بأعمال البطولة، والكرم والسماحة والعفو عند المقدرة، واحترام المرأة، ووفاء العهد وحماية الضعفاء)، وكذلك يكون الفتى معروفاً بالسخاء والشجاعة، والزهد والعبادة، وإطعام الطعام للمساكين، وإكرام العلماء والفقهاء، وحسن سيرة وصدق الحديث. قليل الكلام، لا يسمع منه أحد كلمة كذب ولا غيبة. لا يخوض في كلام لا طائل تحته، آمر بالمعروف ناه عن المنكر)

وأنت ترى أن هذه الصفات الكريمة والأهداف النبيلة لم تتحقق في كل ألوان الفتوة التي ساقها الدكتور أحمد أمين بك، وهي إن تحققت في الفتوة الدينية، أو الفتوة الصوفية، أو فتوة صلاح الدين وأسامة بن منقذ، فهي قاطعاً لم تتحقق في فتوة العيارين والشطار، ولا في فتوة العابثين اللاهين.

ولعله كان من الأجمل أن تعدد ألوان الفتوة بالنظر إلى أهدافها، فقد يهدينا هذا إلى معرفة الفتيان حقيقة هؤلاء الذين يجمل بهم وبنا أن نذكرهم دواماً ليكونوا أمثلة للهداية والنور والحق والطهور. وبهذا نحفظ مقاماتهم، وذكرهم عند الاقتران بهذا الخليط العجيب من الفوضى والإباحة الذي أنساق إليه كل لاه عابث مغلوب. وبهذا نضع كل إنسان في مكانه

<<  <  ج:
ص:  >  >>