تذكر أني كنت قد وعدت أم صاحبي (جمي كار) أن أعني بولدها الذي هو زميلي في الفرقة، فلما سقط (جمي كار) مريضاً بذلت كل جهودي من أجل راحته والأخذ بيده حتى تماثل للشفاء. على أنه قبل أن تجتمع له قواه وترد إليه صحته صدرت الأوامر لفرقتنا بالتقدم إلى خطوط النار. وناء (جمي) بحمله فحملته عنه فضلاً عن حقائبي وقطعنا شوطاً بعيداً، وانقضى النهار وأخذ الرجال يشعرون بالتعب وخارت قوانا جميعاً. أما (جمي) فقد عجز عن مواصلة السير ولم يمش إلا بعد أن مددت إليه يد المساعدة.
وحين شارفنا المعسكر كنت في أشد حالات التعب وأحوج الرجال إلى الراحة. لكن شاءت الصدف أن تكون نوبة الحراسة تلك الليلة لزميلي (جمي كار)، ورأيته محطماً يكاد يقتله الضعف والتعب، فتقدمت للحراسة عنه ونسيت أني في تلك اللحظة كنت أشد منه ضعفاً وإعياء، وصدقني يا أبي أني كنت عندما غالبني النوم على حال من التعب والإعياء بحيث أو أطلقت على رأسي رصاصة لما فتحت عيني ولا حركت ساكناً.
على أني مخطئ وخطئي أني لم أفطن لحالتي إلا متأخراً جداً. . . وعندما وصل القس إلى هذا الحد من القراءة قاطعه مستر أوين بهذه العبارة:
شكراً لله. إن أبني يموت شهيداً وليس خائناً، وعاد القس يقرأ هكذا:
قيل لي اليوم إن إعدامي تأجل يوماً واحداً بسبب ظروف طارئة، وهذه فرصة لكي أكتب إليك كما يقول رئيسي الطيب القلب. أصفح عنه يا أبي فإنه لم يفعل سوى أن قام بواجبه، وقد كان يود بإخلاص أن ينقذني لكن القوانين العسكرية صارمة ولا حيلة فيها. كذلك أرجو أن لا تضع مسؤولية إعدامي على رأس (جيمي كار) فإن المسكين منكسر القلب شديد الأسف لما حل بي. وقد ألح عليهم أن يأخذوه فدية عني ولكن أحداً لم يعر طلبه التفاتاً بطبيعة الحال.
أبي، لا أجسر أن أفكر في أمي ولا في أختي لوسي فيا ليتك تواسيهما وتجفف دمعهما. وليتك تقول لهما أني أموت شجاعاً باسلاً وإنه عندما تنتهي الحرب سينسيان العار الذي سيلحق بي الآن.
في هذا المساء عندما تغرب الشمس سوف تمر بخاطري صورة من صور السعادة الضائعة