للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنى لأسأل، فهل من مجيب؟!

٧ - الزوجة الثانية

قابلت أمس صديقاً فوجدته ضيق الصدر، لقس النفس، كأن به علة في جسده، أو هما في قلبه، فسألته أن يكشف لي أمره فتأبى ساعة وتردد، ثم قال لي: أنت الصديق لا يكتم عنه، وإني مطلعك على سرى، ومستشيرك فيه: إني أريد الزواج.

- قلت: وما فعلت ربه دارك، وأم أولادك؟

- قال: هي على حالها.

- قلت. وهل أنكرت شيئاً من خلفها أو من دينها أو من طاعتها لك، وميلها إليك؟

- قال: لا والله!

- قلت: فلم إذن؟

- قال: إني رجل أحب العصمة وأكره الفجور، وقد ألفت زوجي حتى ما أجد فيها ما يقنع نفسي عم أن يميل إلى غيرها، وبصري عن أن يشرد إلى سواها، وأطلت عشرتها مللتها وذهبت في عيني فتنتها.

قلت: ما أقبح والله ما جزيتها به عن صحبتها وإخلاصها! وما أعجب أمرك تسمع صوت النفس، وأنت صوت العقل، وتتبع طريق الهوى، وأنت تحسبه سبيل الصلاح، وهذا من تلبيس إبليس، ومن وساوسه؟

وهل تحسب أن المرأة الجديدة تقنعك وتغنيك، إن أنت لم تقهر نفسك وتزجرها؟ إن الجديدة تمر عليها الأيام فتصير قديمة، وتطول ألفتها فتصير مملولة، وتستقرى جمالها فلا تجد فيها جمالا فتطلب ثالثة، والثالثة إلى الرابعة، ولو أنك تزوجت مائة، ولو أنك قضيت العمر في زواج، لو جدت نفسك أمرآة أخرى. . .

وهذي سير الملوك الذين كانت تجعل إليهم كل جميلة من كل بلد، وكان في قصورهم آلاف الجواري من كل بيضاء، وسمراء وسوداء، وعربية، وتركية، وكرجية، وأفرجية، من كل سن وكل لون، وكل جنس وكل شكل، فهل أشبع ذلك هوى نفوسهم؟ وهل عصمتهم من أن يتطلع أحدهم إلى المرأة الممنعة فيعشقها أو يهم حبا بها، ولا يرى لذته إلا بقربها؟.

وهل الزواج ويحك لهذا (الأمر) وحده؟ فأين الوفاء وأين التذمم؟ وأين حقوق المعاشرة؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>