هل يمضى زوج عمره في تقبيل وعناق؟ إن لذلك لحظات باقي العمر تعاون على الحياة، وتبادل في الرأي، وسعى للطعام واللباس وتربية الولد، واسترجاع الماضي والإعداد للمستقبل:
وهل تظنك تسعد بين زوجتين، وتعرف إن جمعتهما ما طعم الراحة؟ وهل تحسب أن ولدك يبقى معك وقد عاديت أمه، وصادقت غريبة جئت بها تشاركها دارها ومالها وزوجتها؟ فهل يرضيك أن تثير في أسرتك حرباً تكون أنت أول ضحاياها؟
لا يا صاحبي، لقد تغبر الزمان، وتبدل عرف الناس، فعليك بزوجك. عد إليها وانظر إلى إخلاصها، لا تنظر إلى وجهها ولا إلى جسمها، فإني قرأت كتباً في تعرف الجمال كثيرة، فلم أجد أصدق من تعريف طاغور:(أن الجمال هو الإخلاص) ولو أن (ملكة الجمال) خانتك وغدرت بك لرأيتها قبيحة في عينك. ولو أخلصت لك زنجية سوداء، كأن وجهها حذاء السهرة اللماع لرأيتها ملكة الجمال. . .
وثق أن ما حدثنني به سرا بيننا لا أفشيه أبداً، ولا أطلع عليه أحداً!!
وهل سمعت أن (أفشى) سرا؟!
٨ - نعم. لقد هزمنا!
إلى الأستاذ الذي كتب إلى فلم أعرف اسمه ولكن نم أسلوبه على فضله:
نعم. لقد هزمنا في فلسطين، ولكنها لم تهزم فينا إلا الأخلاق التي قبسناها من غيرنا، وتركنا لها أخلاقنا. ما هزم إلا التردد والاختلاف، والثرثرة والكلام الفارغ، وإيثار الزعماء مصالحهم على مصالح الأمة، واتخاذ الإنكليز والأمير كان أولياء، أما سلائق العروبة، أما خلائق الإسلام، أما الإرث لذي تركه محمد في عروقنا، معشر العرب وصبهفي دمائنا، فلم يهزم ولن يهزم أبداً.
إن لكل أمة أياما لها، وأياماً عليها، وليس العار أن يجزع من الغلب ويرضاه، ولا يعاود الكفاح، ولقد مر علينا في تاريخنا مصائب أشد هؤلاء، لقد قامت في هذه البقعة من فلسطين دولة أقوى من هذه الدولة الكسيحة، دولة زحفت أوربا كلها لتقيمها وتحميها، فعاشت أكثر من مائة سنة فأين هي اليوم؟