للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البحث وجدة جوانبه ومناحية، ولكنها لا تدلل كثيراً على أنه مفكر خالص وكاتب أصيل. . فوجد الموضوع - وإن وجدت في غالب كتبه - مفقودة الاستغراق والعمق، ووحدة العرض وجودته ضائعة تحت هذه العناوين العديدة التي تموج بها كتبه، والتي لا تجري على أساس من التتابع المنسق والتبويب المنظم. . ودقة التقسيم في الموضوع وفي الكتاب مفقودة العرض والطول، ولا تشمل عادة كل الأقسام المبتغاة. وسنعرف أخبراً عن بطابع العاطفة والإخلاص وعدم التحيز؛ وأنها طريقة ذعر منها منهج البحث الحديث. ونعلل ذلك بأن غالب كتبه قد كتب في مقالات، لتكون (فصولا ناضجة بالأيمان الحي، والمنطق الذكي، والعاطفة الحارة) وبأنه قد كتب بطريقة ذاتية محضة، لا تعتمد إلا على دقتها الخاصة، وثقافتها المختمرة، وخواطرها الذاتية، ولكن ذلك لا يطعن مطلقاً في سدها لحاجة الجانب الفكري من الميدان الاجتماعي، وما نظنه يقلل من أهميتها، كما لا نزعم لحظة، أنه سينقص قارئاً من عشرات الألوف الذين يقتنون كتبه!!

وهذا المنحى الذي ألمنا بجوانبه، هو ما يسيطر على ما أخرج الأستاذ الداعية محمد الغزالي في الحقل النظامي من كتب، سواء فيها من الإسلام والأوضاع الاقتصادية، والإسلام المفتري عليه بين الشيوعيين والرأسماليين، والإسلام والمناهج الاشتراكية، وتأملات في الدين والحياة - ومن هنا نعلم - إلى سوف يخرج في أفق (السلوك) في كتابه المرقوب (خلق المسلم)، ولكن هذا المنحى سوف يتغير كثير من جوانبه في كتابه (عقيدة المسلم) الذي أخرجه في حقل العقيدة، ليسد حاجة الفكرة والشعوب إليه، غير أن التغير في بعض الأحكام، لن يؤثر على مكانة الغزالي، كحاجة خاصة في ميدانها الاجتماعي.

ولست أدري والله، أكان يجب صدور هذا الكتاب منذ سنوات؟ أم أنه قد جاء في وقته الملائم؟ فقد انتهت العقيدة الإسلامية إلينا الآن، بل ومنذ أجيال عديدة، موسومة بعلم (الكلام)، مربوطة بعجلة المنطق (البيزنطي) مبتوتة الصلة بالفؤاد، شديدة التآخي مع العقل. بقواه الذهنية الجافة، ومقاييسه الآلية البحتة، وموازينه النظرية الخالصة، مما دفع بالعديد من طلاب العقيدة إلى الهرب من جفافها، ليقفوا بجوار العامة اليائسين، في رحاب التصوف وشطحاته، باحثين عن الجذوة التي تحي في قلوبهم جذور الأيمان، وتنعش في نفوسهم عاطفة الحب الإلهي. وكنا بين ذلك، في قفر مجدب من روح الأيمان العقيدي؛ لابتعاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>