ورغم ذلك فهو سموح عطوف، وأظنه في شعره هذا متأثر بكتب الصوفية وطرائق شيوخها. على أن ذلك كله لم يؤثر على عاطفته فشعره سهل رقيق، وعاطفي عذب، وجرسه حلو فاتن، وللدلالة أكثر على هذه الناحية منه نسوق للقراء هذه الأبيات أيضاً من قصيدته (هوى يتجدد) قال:
وهوى أراه على المدى يتجدد ... ما زال يهبط في الفؤاد ويصعد
هو في الصباحات الرطاب نسائم ... نشوانة - ملء الفضاء - تعربد
ولدى الحوالك في العشايا شعلة ... ما أن تزال مشعة تتوقد
محراب قلبي. . كلما عاودته ... ألفيت فيه أخا هوى يتعبد
أنا للصبابة والغرام فإن أمت ... فأنا الشهيد بحبه المتعبد
ألم أقل لكم إن أخانا البشير شاعر صوفي؟ وهل أدل على صوفيته ورهبنته (فأنا الشهيد لأنني متعبد في محراب الحب والجمال)
قدست سرك يا جمال وأذعنت ... روحي وقلبي للمفاتن يسجد
يا حسن، يا نهر الحياة ونبعها ... قلبي - فديتك - في الهواجر فدفد
أظمأته دهراً فهل من رشفة ... تشفي لواعج أقسمت لا تبرد
أو قوله من قصيدة بعنوان (جمالك). .
جمالك لا غاضت ينابيع سحره ... سيبقى لصنع الله أروع شاهد
أرى، ما أرى؟ دراً نضيداً، وبسمة ... لها مثل إشعاع النجوم الفراقد
وهذا الجبين الحلو زان صفاءه ... وميض بهيج الضوء جم التطارد
فأنت الذي فتحت قلبي للهوى ... وألهت وجداني، فلست بجاحد
وأنت الذي وجهت للحسن خاطري ... وشعري، عمداً منك أو غير عامد
الآهات جدد من حياتي فإنني ... لأنكر من آثارها كل بائد
أعود إليك اليوم ولهان مدنفا ... فهل أنت من فعل الصبابات عائدي
أفكر فيك الليل والصبح هائما ... فألقاك والتفكير بعد معاودي
وما تمحى من خاطري لك صورة ... هي النبع في جدبي ودنيا فدافدي
ولا أحب أن أنتقل بالقراء إلى شاعر آخر دون أن أشير إلى الميزة الفذة التي يتمتع بها