هذا حديث عقلية واعية صاحبة مرتبة، تعرف كيف تعبر وتدمغ الحجة بالحجة، وتقرع الرأي بالرأي، وتأتي بعد ذلك بفصل الخطابب، وهو يؤيد العلماء النظريين الذين يقولون (إن هناك نزوعاً، أو انفعالاً نفسياًيؤثر في الجسد، فينتج عنه حركة جثمانية تهدف إلى تحقيق هذا النزوع، أو إرضاء الانفعال، وينكر على التجريبيين قولهم: (إن الجسد هو الذي يتصرف في النفس)
يقول قائلهم (أي التجريبيون - إنني سمعت خبرا محزنا فبكيت، فنشأت من ذلك عاطفة الحزن! فالحزن نشأ من البكاء أي من الحركة الجسدية. وليس العكس، أن الإنسان يحزن فتنهمر دموعه - كما يقول العقلاء من عباد الله).
(ويقولون إنني رأيت الأسد فجريت، فنشأ من ذلك الخوف، لا أنني خفت فجريت)
أن المؤلف يؤمن بأن الجسد أداة منفذة لرغبات النفس، وينكر على فرويد إيمانه بالجبرية الشعورية التي تقول؛ إن الحياة النفسية مصدرها الجسد، والجسد إفرازات كيمياوية، ونشاط كهربي، لا سلطان لأحد عليه، لأنه يعمل بطريقة غير إرادية فقد انتفت إرادة الإنسان التي يكون بموجبها مسئولا عما يفعل).
وهل هناك دليل على تأصل المادة في حياة فرويد، وعلى عدم اعترافه بالأديان، والجوانب الروحية، أقوى من هذا القول لأن الأديان جميعاً تقول: بأن الإنسان محاسب على أعماله، لأنها تصدر عن إرادته، ولا تعفيه عن المسئولية حينما يرتكب خطيئة في حياته الدنيا، حنى القوانين الوضعية، تأخذ المجرم بالعقاب، لأنه مسئول عما يفعل، وإلا فلم يعاقب المجرم؟ ولم وضعت القوانين؟.
وليتصور القارئ أي فوضى كانت تسود البشرية، لو ترك الناس أحراراً فيما يفعلون، باعتبار أنهم غير مسئولين عما يفعلون! وأي فرق بينهم وبين الوحوش في الغابات والهوام في مسارب الأرض.
إنه حين يقول ذلك (ليسقط المسئولية الخلقية، ويسقط معها الإنسان).
وعندما يتعرض للشيوعيين يكشف زيف مذهبهم، حين يقولون:
(- إن الإنسان هو القوة الفعالة في هذا الوجود - وتلك جملة براقة قد توحي بأن أنصار هذا المذهب، يؤمنون بالإنسان وبالإنسانية في صورها الرفيعة النبيلة، الإنسان في