مجموعة، بما فيه من جسد وعقل وروح) فأنظر كيف يكشفهم ويفضح مذهبهم حين يقول:(إنهم لا يؤمنون بالإنسان، ليرفعوا من شأنه، ولكن لينفوا فقط تدخل الإله في شؤون الخلق، أما إيمانهم بالإنسان فعلى أساس أنه مادة، ولكن إذا سألنا ما هو الفكر؛ وما هو الشعور؟ ومن أين ينبعثان؟ يتضح لنا أنهما نتاج الدماغ البشري. . . وهذا الدماغ ليس إلا مادة. . .
وهنا تظهر طبيعة المؤلف الصاحية الواعية: فيقول:
(إذا كان العقل مادة، فإن الفكرة في ذاتها ليست مادة، لأنها لا تتحدد بحدود الزمان والمكان)
وهكذا يردهم إلى صوابهم حين لا يجدون الإجابة المعقولة
ثم يبين لك خطل الرأي الشيوعي في أن المادة هي أساس النظم الاجتماعية الصالحة، كانت الجوانب الروحية هي الأسس الأصيلة، التي أقام عليها نظاماً اجتماعياً صالحاً في مدى سنوات معدودات.
(إن الإسلام قد انتشر بسرعة مثالية، ما تزال فريدة حتى اليوم، ففي أقل من عشر سنوات، أيام عمر بن الخطاب، كان قد غمر فارس والعراق والشام ومصر والنوبة. . . لم يكن ثمة بارود، ولا اختراع حربي - مادي - يتفوق به حفنة من العرب الذين انطلقوا من الجزيرة، يبشرون بالإسلام، على قوى الإمبراطوريتين العريقتين، في فارس وبلاد الروم. . شيء واد هو الذي تغير، هو إحساس هؤلاء العرب بالحياة والكون، وبالحق والعدل الأزليين.
لقد كانت العقيدة الجديدة، هي القوة الدافعة في هذا البناء الجديد)
وعندما ينتهي المؤلف إلى (نظرة الإسلام) يتحدث عن الفرد من خلال عدسة الإسلام، فلا يترك جزءاً من جزيئات جسمه، ولا مسرباً من مسارب نفسه، ولا هاتفاً من هواتف رغباته، ولا غريزة من غرائزه إلا وبحثها تحت ضوء هذه العدسة. ثم يبين مقدار صلة الفرد بالسماء، ومدى سموه وصعوده، وعلاقته بالأرض ومدى انجذابه إليها - على حسب نظرة الإسلام - ثم يأخذ له صوراً متلاحقة لنزعات عقله وجسمه وروحه. . وكيف أن الإنسان يساير هذه النزعات، أو يحد من قوتها بالقدر الذي يضمن للفرد والحياة، اضطراً النمو، ودوام الأرقاء.
وإنه ليعرض عليك النظريات الإسلامية، في فلم منسق، يرضي روحك وعقلك، ويرد بك مناهل المعرفة الإسلامية. كل ذلك في أسلوب يكاد من الرقة يطير، ومن القوة يلتهب.