ويقول (ومن عوائد هذه البلاد أنه ما كان منها ليس به سلطان فالأخي هو الحاكم وهو يركب الوارد ويكسوه ويحسن إليه على قدره، وترتيبه في أمره ونهيه وركوبه ترتيب الملوك).
وننتقل بعد ابن بطوطة إلى سائح تركي هو (أوليا جلبي) الذي تحدث عن الأصناف بناء على طلب السلطان في أوائل القرن السابع عشر. ووصفه أول وصف كامل لنقابات مدينة إسلامية.
فبعد أن يصف (فتوت تامة) - كتاب الفتوة بتعاليمه وأساطيره، يذكر تركيب الحرفة من (الشيخ)(النقيب) والجاويش والأوسطة (الأستاذ) ثم (الشاكرد) أو (المبتدئ) أما الصانع فلا ذكر له.
ثم يعدد جميع الأصناف وحوانيتهم وشيوخهم. ولا مجال لوصف الأصناف وهي (١٠٠١) مصنف ويذكر أن الأصناف تنظم عرضا عاما (بهيئة استعراض) مرة واحدة سنويا. ويبدأ الموكب وقت الفجر ويستمر في سيره طول النهار حتى الغروب. وتمر الأصناف ببيت قاضي اسطنبول لأنه صاحب السلطة لتفتيش جميع الأوزان والمقاييس والأصناف، ومن التقاليد أن تهدي الأصناف إلى القاضي نماذجهم التي عرضوها ولكن بعضها كان يخفي ذلك. ثم تسير الأصناف إلى محلاتها وأسواقها وتتوقف كل تجارة وحرفة لثلاثة أيام بمناسبة الاستعراض. وكانت تعلق أهمية على الأقدمية في السير، ويصف (أوليا جلبي) نزاعا وقع بين القصابين وتجار مصر حول الأسبقية حتى صدر الحكم من جانب السلطان في جانب التجار.
ولدينا وصف آخر لتشكيلات الصناعة في سيروز (روميلي سنة ١٢٥٠ هـ) فيذكر ابن قاضي البلدة أن لكل صنف سوقا مختصة ولكل حرفة رئيسا يسمى (أخي بابا) أو (كهيا) أو (متولي). وإدارة شؤون الحرف بيد الرؤساء أو الأخية تعاونهم هيئة إدارة (أهل اللونجة) من خمسة أعضاء ينتخبون من أساتذة الحرفة. ويندرج المنتمون إلى الحرفة من (يماق) المبتدئ وسنه أقل من عشر سنين، وبعد سنتين يتقدم ويصبح (جراق) وبعد ثلاث سنين يصبح (خليفة) وبعد ثلاث أخرى يصبح (أوسطة). ويوجد مجلس أعلى لكل الحرف يمثل الحرف برؤسائها وهؤلاء ينتخبون رئيسا عاما (كهيالرباش).