وهذه الفرقة هي التي تحتل الآن أماكنها المناسبة في الصحف والمجلات، من هؤلاء الشعراء: كمال نشأت وكيلاني حسن سند ومحمد رجب البيومي ومحمد الصادق سعود وتوفيق عوضي أباظة وعبد العزيز السعدني ومحمد مفتاح الفيتوري ومحمد سلامة مصطفى ومحمد أحمد سالم وعمر عبد العزيز.
وليس من السهل - ولا من اللائق أيضا - أن نرتب هذه الجموع الزاخرة ترتيبا تنازليا - أو تصاعديا - كترتيب تلاميذ المدارس بحسب درجات الامتحان؛ فهذا عسير جد عسير، لتنوع المذاهب وتعدد الألوان.
ولكن من السهل النص على أن هؤلاء الشعراء جميعا من الممكن تقسيمهم إلى أربع طوائف متميزة: الطائفة الأولى جماعة الأحرار؛ لا يتبع الشاعر منهم أحدا بالذات، وليست له قدوة يحتذيها ولا إمام يأتم به ويسعى على هداه، وإنما لكل منهم نهجه الخاص وطريقه المعلوم وشخصيته المتفردة. وأما الطوائف الثلاث الأخرى، فطائفة تتبع شعر العقاد وطائفة تتبع نثر الزيات وطائفة تتبع زجل بيرم التونسي!
لست أمزح ولا أهزل حين أقول جادا: إن طائفة من شعراء الشباب المعروفين، ينحون في الشعر نحو بيرم التونسي في الزجل! وليس معنى هذا أنهم يخطئون السبيل، أو يرجعون القهقرى؛ فرب قصيدة واحدة من الزجل - الشعر الشعبي - خير من ديوان كامل من شعر فلان وفلان , وسيأتيك البيان!
وإن مما يؤسف له حقا أن يلتفت الناقد الأدبي إلى ميدان شعراء الشباب الآن فلا يرى إلا القليل. فينعم النظر ويمد البصر إلى هنا وهناك فلا يرى إلا أشباحا تجري في الظلام وراء تفاهات وحماقات لا تغني ولا تسمن من جوع.
لقد تفرق الجمع أيدي سبا. . وانصرفوا - أو كادوا ينصرفون عن الشعر الذي خلقوا له وارتفعوا به إلى القمة! ولكن يبدو أنها قمة الحضيض إن صح هذا التعبير.
بعض الشعراء استهوته الصحافة اليومية أو الأسبوعية فأدلى دلوه في الدلاء وعلى الشعراء العفاء. وبعضهم انخدع بالإذاعة فاستسلم لما يطلب منه من القصائد والتواشيح لقاء أجر معلوم، وبعضهم كل همه العلاوات والترقيات والاستثناءات في كل عهد وبأي ثمن. وبعضهم غارق لأذنيه في (شرب العرق ولعب الورق)، وبعضهم اتخذ الكتابة والتأليف