بها إلى الناس، لا من واقعهم الأرضي المحدود ولا من زواياهم المتضاربة، بل ينظر إليهم من أعلى، من السماء، فيراهم كلهم في لحظة واحدة، بنظرة واحدة شاملة. . . فحينذاك لا يبدون فردا وجماعة منفصلين متقابلين، بل يبدون وشائج متصلة، وعلاقات متداخلة، لا يمكن فصل بعضها عن بعض)
(والإسلام لا ينظر للجريمة بعين الجماعة فحسب، بل يمسك الميزان من منتصفه، فينظر إليها كذلك وفي ذات الوقت بعين الفرد الذي تقع منه الجريمة.
فهو حين ينظر إليها بعين الجماعة فيقرر حقها، في حماية نفسها من الجريمة، ويفرض لذلك العقوبات، ينظر إليها كذلك بعين الفرد، فيرى مبرراته ودوافعه لارتكاب الجريمة، فيعترف بها، ويعطيها حقها الكامل من التقدير والرعاية، ويعمل على إزالة كل الدوافع المعقولة، قبل أن يفرض العقوبة)
وحينما يتعرض للمشكلة الجنسية، يتعرض تعرض الرجل الخبير بطبيعة الجسد؛ العليم بطبائع النفوس؛ فلا تفوته رغبة من رغبات الجسد، ولا نزعة من نزعات النفس، ولا رأي من الآراء إلا حلله ليأخذ منه الصواب؛ ويدع الخطأ أو يبدي رأيه المستقل حين لا يقنع برأي من الآراء. كل ذلك في أسلوب ساحر؛ وحساسية مرهفة، وشعور طلق رحيب، وعقل باحث منقب؛ يقتحم بك المادة فتشعر بحرارتها وثقلها؛ وينطلق بك طائراً في روحانية شفيفة، تجتاب الآفاق، وترتاد العوالم، فتسمع معه همس الحور في قصور النور، أو مناغاة الجنيات في عالمها المسحور.
استمع إليه حينما يبين العلاقات بين الجنسين في أسلوبه الشيق الطلي
(إن الرجل في حاجة إلى المرأة، والمرأة في حاجة إلى الرجل لشيء آخر غير ضرورة الجسد، ودفعة الغريزة، إن كلا منهما ليجد عند الآخر، وفي رحابه (مشاعر) نفسية. الألفة والحنان والود والتعاطف مشاعر لا يجدها في أي مكان آخر، لا يجدها الرجل كاملة عند الرجل، ولا المرأة عند المرأة.
(إن كلا من الجنسين في حاجة إلى فرد من الجنس الآخر، يلقي إليه نفسه كلها. مشاعرها، وأفكارها، وينكشف له عن كل أسراره الدفينة، ويتجاوب معه ويتعاطف، ويجد منه حافزا وعونا لمواجهة الحياة، وتبعاتها المختلفة.