عندئذ غائرتين أكثر من قبل! ثم واجهني وقال:
- كان الأجدر بي أن أتصف باسمي فأكون باردا كالثلج. . على الأقل معك أنت.
فلم أجب، فاستمر يقول:
- إن الهدوء والرزانة من صفاتي. . لكن التبسيط الذي يذهب بروعة الأشياء!
فسألته قائلا: لماذا تطلب العلم إذن؟
- كان المبشر قد أحسن إلى كثيرا، فحين زودني بالمال وحثني على طلب العلم لم أستطع الرفض.
- ولماذا تخصصت في العلوم؟
- أخبروني هنا أني أهل للعلوم! إنهم يريدون أن يجردوني من الخيال، من خيالي اللذيذ! لأفنى في المعادلات العقيمة، لكنني لن أفعل هذا. . لن أفعل!
فصمت قليلا في حين كانت عيناه تبرقان ثم عاد يقول:
إن أهل العلوم قد أفسدوا علي أحلامي وخيالي، قالوا لي إن هذا من هذا، وإن الماء هو الجمع بين ذرة من أكسجين مع ذرة من هيدروجين! وإن ورد الزنبق مؤلف من هيدرات الكاربوليك والنيتروجين! وإن ماكنة السفينة بسيطة، فالمحرك لا يدور بقدرة الإله كما كنت أعتقد، بل بقدرة. . البخار! لقد عللوا لي الأشياء، وبسطوها وشرحوها، حتى بدت لي عادية بسيطة تافهة لا روعة فيها أبدا.
قلت له: إننا لا نؤمن بوجود الإله في محرك السفينة لكننا نؤمن بوجوده في محل آخر.
- تعني الكنيسة؛ دخلتها مرة فشعرت بنفور أعمق من نفوري من المعادلات.
- ما قولك إذن في شعرائنا؟
- أولئك شعراء؟ إنهم لا يؤمنون بالله حين يدعون أبدا أنهم يؤمنون! لقد لاحظتهم وهم منفردون بأنفسهم يرتلون الشعر، فرأيت السخرية تبدو في وجوههم واضحة كلما جاء ذكر الإله!
وقلت وقد أزعجني كلامه - ألست معي في أن للعالم اسما مهيبا محترما؟
- أنا معك في أن له اسماً مهيباً محترما. . . فقط! لكنه هو نفسه خال من الصفتين! أنكم تقولون عن العلم أنه سام كالآلهة وأن له أغواراً عميقة ليس لها قرار! ثم أراكم تنزعون