للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفرضتها على أهل بنغال فرضاً لمصالحها الاستعمارية والسياسية كما تحقق علمياً وتاريخياً، ويقدر أن الذين هلكوا فيها يبلغ عددهم إلى خمسة ملايين.

وفي سنة ١٩٤٧م وقعت الاضطرابات الطائفية الهائلة التي هيأتها ومهدت لها الحكومة الإنجليزية وتغافل عنها وارتضاها ممثلها الرسمي اللورد (مونت بيتن) المجرم حاكم الهند العام حينئذ، وكان أكثر من نصف مليون نسمة فريسة هذه المجزرة الإنسانية.

إن طبيعة الأشياء وغريزة الإنسان وشريعة العدل كل ذلك كان يحكم بل يفرض أن يغضب الشرق - وبالأخص الشرق الإسلامي - ويثور وينتهز كل فرصة للانتقام من بريطانيا وتصفية الحساب معها.

ظل الشرق الإسلامي خاضعاً - ولا أقول راضياً - لهذه الأوضاع التي تثير غضب الحليم لا يحرك ساكنا ولا يبدي سخطا بل يتحيز بين حين وآخر إلى المعسكر المجرم الذي يسميه الحلفاء كذباً ومينا بالمعسكر الديمقراطي ويحارب بجانبه ويستميت في سبيل شرفه وكرامته ويصدقه في عهوده ويحترم معاهداته، فاسترسلت بريطانيا - وأخواتها على أثرها - في سياستها الجائرة وأمعنت في غلوائها فأضر ذلك بالسياسة الأوربية كلها لأنها أصبحت كالفيل الهائج، وفقدت السياسة الدولية الاتزان والتفكير، وأغرى سكوت الشرق وهدوءه الزائد واحتماله المسرف المستعمرين بالاستمرار في سياستهم الغاشمة والانتصار للمدرسة السياسية الغربية القديمة التي تفكر التفكير الاستعماري وتحلم بالإمبراطوريات والمستعمرات.

فكان لا بد أن يغضب الشرق غضبة ترد المستعمرين إلى صوابهم ورشدهم وترد إلى السياسة العالمية اتزانها وتعادلها وترد إلى شعوب الشرق شرفها وكرامتها وترد إلى العالم الأمن والسلام.

وما كان يدري أحد أن إيران ستكون السابقة إلى هذه الثورة العادلة والغضبة الموفقة، وستنتصر هذا الانتصار الباهر، وستهاجم الغرب المتغطرس هذه المهاجمة المفاجئة القوية وتصفع بريطانيا الكريمة هذه الصفعة المؤلمة المخجلة التي يحمر لها وجهها وينتكس لها رأسها، إنها لصفعة موجعة حقا، مخجلة حقا، تألم لها كل إنجليزي في كل ناحية من نواحي العالم بل تأثرت بها أرواح وبناة الإمبراطورية البريطانية ومؤسسو مجدها في السابق،

<<  <  ج:
ص:  >  >>