للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسيلتصق عارها بكل مولود يولد في بريطانيا إلى عهد بعيد.

لقد سر كل شرقي وكل مسلم بهذه الغضبة الفارسية، وكان يتمنى أن يغضب العالم العربي ويثور ويقوم قيام الثائر الموتور لأنه أحق بالغضب وأولى بالثورة من كل بلد وقطر، لأن بريطانيا (الصديقة للعرب) قد طوقته من كل جانب وتملكت جميع منافذه. . فهذا عدن العربي لا يزال مرفأ بريطانيا وقلعة بريطانيا الحصينة، والعقبة ومعان مما تحرص بريطانيا على الاحتفاظ بهما واحتلالهما، ولا تزال إمارات الخليج العربية خاضعة للنفوذ البريطاني، ولا يزال العراق مرتبطا بالعجلة البريطانية، ولا تزال فلسطين العربية تشكو بثها وحزنها وتئن من جراحاتها وآلامها، ولا تزال دولة إسرائيل برهانا ساطعا على صداقة بريطانيا للعرب ووفائها لهم، ولا تزال مصر محتلة بالجيوش البريطانية ولا يزال السودان المصري يرزح تحت أثقال الحكم البريطاني.

إذن فكانت غضبة العالم العربي - لو غضب - من أعدل ما شهد التاريخ من الغضبات، وكانت ثورته - لو ثار - من أشرف ما دون في الكتب من الثورات.

وكان لا بد من أن يغضب بلد عربي يتزعم العالم العربي ويقوده فكريا وثقافيا وسياسيا ويتمتع بمركز محترم ومكانة مرموقة ونفوذ ملحوظ حتى يسري هذا الغضب في جميع أقطار العالم العربي ويتردد صداه في جميع الشعوب العربية ويكون كما قال جرير الشاعر العربي

إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا

هنالك طلعت مصر وغضبت غضبة جاءت على قدر وأرضت جميع المنصفين في العالم، أما العرب فقد أنشدوا بلسان واحد

هذا الذي كانت الأيام تنتظر ... فليوف لله أقوام بما نذروا

حياك الله يا مصر العزيزة وبارك جهادك وقوى أبطالك وثبت مجاهديك. إن غضبتك سترضي أجيالك القادمة وتشرفها وستسجل لك فتحا عظيما في الشرق، فانظري في المستقبل وما يخطه لك القلم المؤرخ من سطور الثناء والإجلال، ولا تنظري في العقبات التي تعترضك فإنها زائلة وذائبة، وانظري إلى الثمار التي سيجنيها العالم العربي بالأخص والعالم الإسلامي بالأعم من جهادك فإنه يبث في العالم العربي الروح والحياة - وما أحوجه

<<  <  ج:
ص:  >  >>