اليوم إلى الروح والحياة - ويحرك فيه الحمية والأنفة، ويوقظ فيه الشعور ويوجد فيه الوعي السياسي، وصدقي يا مصر أن العالم العربي قد بلغ من الجمود مبلغا لا تهزه فيه إلا ثورة جبارة مثل ما تقومين به اليوم، فليست ثورتك هي ثورة مصر المحلية إنما هي نفخة صور للعالم العربي وفاتحة عهد جديد إن شاء الله في تاريخ العرب السياسي - احتسبي جهادك يا مصر وقدسيه بنفسك فإنه جهاد يعلي كلمة الله ويشرف الإسلام والمسلمين ويرفع رأسهم عاليا أينما كانوا، وإنه جهاد يغيظ أعداء الإسلام فحيي أبناءك المرابطين وأبطالك المجاهدين (ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين)
اعلمي يا مصر العزيزة أن القوة الوحيدة التي يخضع لها العرب هي إرادة الشعب القوية والعزم الصادق الثابت والجبهة الموحدة؛ فاحرصي على قوة إرادتك حكومة وعلى وثبات العزم وتوحيد الصفوف وآمني بأن شعبا قد صدقت عزيمته وقويت إرادته وتوحدت صفوفه لا يمكن أن يجبر على ما لا يرضاه ويفرض عليه ما يأباه، فقوتك في الداخل لا في الخارج. قوتك في أبنائك ونفوسهم وعزمهم؛ فإذا أبوا إلا جلاء الجيوش الإنجليزية من منطقة القنال، ووحدة وادي النيل، فليست في العالم قوة تقف في سبيل هذا العزم، وإذا ألغوا معاهدة سنة ١٩٣٦م في نفوسهم واستنكفت من استمرارها حتى فضلوا الموت على عودتها فاعلمي يقينا أنها قد ألغيت وليس لأمة في العالم أن تعيدها.
اعلمي يا مصر أن السياسة متقلبة بطبيعتها وأن الدين ثابت بطبيعته، وأن المصلحة متحركة بطبيعتها، فاستندي في جهادك إلى الإيمان والعقيدة أكثر مما تستندين فيه إلى السياسة والمصلحة، وأيقظي الروح الدينية وروح الجهاد في سبيل الله واعطفي عليها وعلى رجالها فإنها أمضى سلاحك وأقوى جنودك.
وأنت أيها العالم العربي فقم بواجبك وانتهز فرصة غضب مصر وثورتها واعلم أنها من الفرس السانحة التي لا تدوم ولا تعود، فاغضب غضبة واحدة وقم قومة رجل واحد، اغضب لنفسك إن لم تغضب لمصر - وهل هي إلا جزء من أحزانك وابن كريم من أبنائك، وانصح لنفسك إن لم تنصح لغيرك، فكرامتك اليوم منوطة بمصر فلا كرامة لك إن