يحدث اليوم في حركتنا الأدبية؛ فقد ذهب أصحاب الدعوة إلى القصص في تصوير أهميته وقيمته الأدبية إلى حدود بعيدة، وتأثر بهذه الدعوة المغرقة كثير من الشباب الذين لم يستكملوا كل عناصر الثقافة القوية، فانصرفوا إلى قراءة القصص والى كتابته، حتى أصبحنا أمام سيل من القصص الساذج الغث يشغل وقت الشباب والناشئين
والآن لنر ماذا كانت نتائج هذه الدعوة، وهل أسفرت حقاً من الوجهة الأدبية عن نتائج تذكر. وأول ما يلفت النظر هو كثرة القصص التي تغمر الصحف والمجلات. ولكن الكمية ليست هي كل ما في الإنتاج الأدبي، وإنما يهم النوع قبل كل شيء؛ ومن الزعم الباطل أن يقال إننا استطعنا أن نخرج حتى اليوم آثاراً قصصية ترتفع في قيمتها الأدبية والفنية إلى مستوى القصص الغربي؛ وقد نظفر بآثار قليلة تمتاز بشيء من القوة والطرافة، ولكنها مع ذلك تحمل طابع المجهود الأول، وينقصها كثير من العناصر الفنية؛ أما الكثرة الساحقة من هذا القصص الذي يغمر اليوم ميدان أدبنا، فليست لها أية قيمة أدبية تذكر؛ ويلاحظ أولاً أن كثيراً من القصص الذي يبدو في ثوب التأليف إنما هو قصص منقول عن الأدب الغربي، يصاغ في أثواب مصرية لكي تضيع معالمه، ولكنه ينم دائما على حقيقته؛ ولا نلمس في هذا القصص الناشئ أية لمحة من الفن الحقيقي أو الخيال الشائق؛ ثم هو لا يكاد يحظى بأي قسط من البيان القوي، بل يعرض دائماً في أساليب ضعيفة ينقصها روح التعبير القوي، ويبدو فيها أثر التقليد والنقل واضحاً؛ ولسنا ندري ماذا تكون القيمة الأدبية لقصص عاطل عن مزايا الفن والخيال والبيان معاً، وكل ما فيه أنه قصص فقط؛ أضف إلى ذلك أن هذا السيل المتصل من القصص ينقصه عنصر التوجيه والثقافة، فهو لا يتجه إلى غاية ثقافية معينة، ولا تحدوه أية مثل اجتماعية، أو أخلاقية محترمة
ولقد قام القصص الغربي في معظم الأحيان على تراث التاريخ والحضارة، وما زال في كل أمة معرضاً قوياً للتاريخ القومي والحياة الاجتماعية القومية، ولكن ما هي المواد التي يستقي منها كتاب (القصص) عندنا؟ وأي نواح من حياتنا الاجتماعية أو تاريخنا القومي استطاعوا أن يعرضوه؟ إنهم في الواقع يعرضون صوراً باهتة من الحياة الاجتماعية الغربية، ويحاولون أن ينسبوها للحياة الاجتماعية المصرية. ذلك لأنهم مقلدون ناقلون في الغالب، يندفعون وراء نزعة لم تقم على الدرس الصحيح؛ وهل قصص الحب المبتذل،