والفلسفية. وكانت عملية النقل من اليونانية إلى الآرامية أو السريانية لغة سورية يومئذ ومن هذه إلى العربية. أما السوريون غير المسيحيين وهم الصابئة عبدة النجوم في حران فإن اهتمامهم اقتصر على علمي الفلك والرياضيات؛ فنقلوا من اليونانية إلى العربية مؤلفات إقليدس وأرخميدس وكتاب بطليموس في الفلك والجغرافية وهو (المجسطي).
وعقب عصر الترجمة عن الهندية والفارسية والآرامية واليونانية عهد الإبداع. فلم يكتف العلماء العربيون بنقل تراق الأجيال السابقة؛ بل أضافوا إليه الكثير من نتائج تنقيباتهم وأبحاثهم وأغنوها من عندهم قبل أن يورثوها لخلفائهم.
ففي الطب نشاء الرازي (توفي ٩٢٥) الذي كان أول من ميز بطريقة علمية بين الحصبة والجدري. وترجمت كتبه إلى اللاتينية في طيلطلة من أعمال إسبانيا بهمة جيرارد الكريموني توفي (١١٨٧) وبعد ذاك في صقلية. وأصبحت كتب التدريس. المعول عليها في كليات الطب الأولى في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا. كذلك ترجم جيرارد كتاب (القانون) في الطب لابن سينا (توفي ١٠٣٧) ولعله أول كتاب يقول بعدوى السل. أما الطبيب الدمشقي ابن النفيس (توفي ١٢٨٨) فإنه وصف الدورة الدموية قبل سرفيتس البرتغالي المنسوب فضل هذا الاكتشاف إليه بنحو ثلاثة قرون.
وفي إسبانيا زها أبو القاسم الزهاوي القرطبي (توفي ١٠١٣) أعظم جراحي عصره. وكتابه في الجراحة ترجم إلى اللاتينية في طليطلة وأصبح الكتاب المعول عليه للتدريس في جامعات أوربا وبقي كذلك في جامعة أكسفورد حتى عام ١٧٧٨. وزها بعده أبن رشد (توفي ١١٩٨) المشهور بفسلفته الأرسطالية الذي كان أول من لاحظ أن من مرض بالجدري لا يمرض بهذا الداء ثانية، والذي كان أول من فهم وظيفة شبكة العين. ومعاصر ابن رشد وصنوه في الفلسفة ابن ميمون اليهودي (توفي ١٢٠٤) كان أيضاً طبيباً، ولعله أول من وصف الطعام النباتي للمصاب بالبواسير. أما ابن الخطيب (توفي ١٣٥٠) المعروف بأدبه فإنه كان أحد الأطباء القليلين الذين أدركوا أن الطاعون المعروف بالموت الأسود الذي اجتاح أوربا يومئذ وكاد يتركها خلوا من السكان إنما كان ينتشر بالعدوى من المريض إلى السليم لا بأمر الله.
وهنالك علمان مساعدان للطب ورقاهما العرب إلى حد غير مسبوق: النبات والكيمياء. من