الأخيرة في القنال، قد أثبتتا بوضوح أن الرجل صنع بطولات خارقة. . قل أن تجد لها مثيلا، إلا في تاريخ العهد الأول للدعوة الإسلامية.
وقد تقرر أن الرجل كان بعيد الأثر في كثير من الأحداث العالمية التي وقعت في الشرق، بل إن ما وقع في إيران كان خليقاً أن يقع في كل بلدان الشرق، لو طال عمر هذا الرجل. . وكان يمكن أن يتحقق لهذه البلاد الكثير لو اتفق حسن البنا وآية الله كاشاني على أن يزيلا الخلاف بين الشيعة وأهل السنة.
لقد التقى الرجلان في الحجاز سنة ١٩٤٨، ويبدو أنهما تفاهما ووصلا إلى نقطة رئيسية لولا أن عوجل حسن البنا بالاغتيال.
كل ما أستطيع أن أقوله في هذه المقدمة، أن الرجل أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه، وهي المغريات الثلاث التي سلطها المستعمر على المجاهدين، وقد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه.
وقد أعانه على ذلك صوفيته الصادقة، وزهده الطبيعي، فقد تزوج مبكرا، وعاش فقيرا، وجعل جاهه في ثقة أولئك الذي التفوا حوله، وأمضى حياته القصيرة المريضة مجانبا لميادين الشهرة الكاذبة، وأسباب الترف الرخيص.
وكان يترقب الأحداث في صبر ويلقاها في هدوء، ويتعرض لها في اطمئنان، ويواجهها في جرأة.
لقد شاءت الأقدار أن يرتبط تاريخ ولادته وتاريخ وفاته بحادثين من اضخم الأحداث في الشرق، فقد ولد عام ١٩٠٦ وهو عام دنشواى، ومات عام ١٩٤٩، وهو عام إسرائيل.
وكان الرجل عجيبا في معاملة خصومه وأنصاره على السواء، كان لا يهاجم خصومه ولا يصارعهم بقدر ما يحاول إقناعهم وكسبهم إلى صفة، وكان يرى أن الصراع بين هيئتين لا يأتي بالنتائج المرجوة.
وكان يؤمن بالخصومة الفكرية، ولا يحولها إلى خصومة شخصية، ولكنه مع ذلك لم سيلم من إيذاء معاصريه ومنافسيه، فقد أعلنت عليه الأحزاب حربا عنيفة. .
كان الرجل يقتفي خطوات عمر وعلي، ويصارع في مثل بيئة الحسين، فمات مثلهم شهيدا.
وإنني على أتم يقين من أن أي حركة وطنية يمكن أن تظهر في الشرق بعد ذلك يمكن